لزمنا الحكم بتكذيب إبراهيم عليه السلام، وان رددنا لزمنا الحكم بتكذيب الرواة، ولا شك ان صون إبراهيم عن الكذب أولى من صون طائفة من المجاهيل عن الكذب.
إذا عرفت هذا الأصل فنقول للواحدي: ومن الذي يضمن ان الذي نقلوا هذا القول عن هؤلاء المفسرين كانوا صادقين أم كاذبين.
المسألة الثالثة - في أن المراد بذلك البرهان ما هو؟ اما المحققون المثبتون للعصمة فقد فسروا رؤية البرهان بوجوه: (الأول) انه حجة الله تعالى في تحريم الزنا والعلم بما على الزاني من العقاب.
(الثاني) ان الله تعالى طهر نفوس الأنبياء عن الأخلاق الذميمة، بل نقول:
ان الله تعالى طهر نفوس المتصلين بهم عنها، كما قال: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) أو المراد برؤية البرهان هو حصول تلك الأخلاق وتذكير الأحوال المردعة لهم عن الاقدام على المنكرات.
(الثالث) انه رأى مكتوبا في سقف البيت (ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا).
(الرابع) انه النبوة المانعة عن ارتكاب الفواحش، والدليل عليه: ان الأنبياء بعثوا لمنع الخلق عن القبائح والفضائح، فلو انهم منعوا الناس عنها، ثم أقدموا على أقبح أنواعها وأفحش أقسامها لدخلوا تحت قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون).
وأيضا ان الله عير اليهود بقوله: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) وما يكون عيبا في حق اليهود، كيف ينسب إلى الرسول المؤيد بالمعجزات.
واما الذين نسبوا المعصية إلى يوسف فقد ذكروا في تفسير ذلك البرهان أمورا:
(الأول) قالوا ان المرأة قامت إلى صنم مكلل بالدر والياقوت في زاوية البيت فسترته بثوب وقالت استحي من إلهي هذا ان يراني على المعصية، فقال يوسف:
تستحين من صنم لا يعقل ولا يسمع، ولا استحي من الهي القائم على كل نفس بما كسبت فوالله لا افعل ابدا.