(الثاني) نقلوا عن ابن عباس، انه مثل له يعقوب (ع) فرآه عاضا على أصابعه ويقول له: لتعمل عمل الفجار، وأنت مكتوب في زمرة الأنبياء عليهم السلام؟
فاستحى منه. وهو قول عكرمة ومجاهد وكثير من المفسرين.
قال سعيد بن جبير: تمثل له يعقوب (ع) فضرب في صدره فخرجت شهوته من أنامله.
(الثالث) قالوا انه سمع في الهواء قائلا يقول: يا بن يعقوب لا تكن كالطير له ريش فإذا زنى ذهب ريشه.
(الرابع) نقلوا عن ابن عباس ان يوسف (ع) لم يزدجر برؤية يعقوب حتى ركضه جبرئيل عليه السلام فلم يبق فيه شئ من الشهوة الا خرج.
ولما نقل الواحدي هذه الروايات تصلف وقال: هذا الذي ذكرناه قول أئمة المفسرين الذين اخذوا التأويل عمن شاهد التنزيل؟ فيقال له: انك لا تأتينا البتة الا بهذه التصلفات التي لا فائدة فيها فأين الحجة والدليل، وأيضا فان ترادف الدلائل على الشئ الواحد جائز، وانه عليه السلام كان ممتنعا عن الزنا بحسب الدلائل الأصلية. فلما انضاف إليها هذه الزواجر، قوى الانزجار وكمل الاحتراز. والعجيب انهم نقلوا ان جروا دخل تحت حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وبقى هناك بغير علمه قالوا فامتنع جبرئيل عليه السلام من الدخول عليه أربعين يوما وهاهنا زعموا ان يوسف عليه السلام حال اشتغاله بالفاحشة ذهب إليه جبرئيل عليه السلام.
والعجب أيضا انهم زعموا انه لم يمتنع عن ذلك العمل بسبب حضور جبرئيل عليه السلام. ولو أن أفسق الخلق كان مشغولا بفاحشة فإذا دخل عليه رجل صالح على زي الصالحين استحى منه وفر، وترك ذلك العمل، وهاهنا رأى يعقوب عض على أنامله ولم يلتفت.
ثم إن جبرئيل عليه السلام على جلالة قدره، دخل عليه فلم يمتنع عن ذلك القبيح بسبب حضوره، حتى احتاج جبرئيل إلى ركضة على ظهره!
فنسأل الله تعالى ان يصوننا عن العمى في الدين والخذلان في طلب اليقين.