ثم انصرف راجعا في الظلمة. فبينا هم يسيرون إذ سمعوا خشخشة - أي صوتا - تحت سنابك خيلهم فقالوا: أيها الملك ما هذا؟ فقال خذوا منه فمن اخذ منه ندم ومن تركه ندم. فأخذ بعض وترك بعض. فلما خرجوا من الظلمة إذا هم بالزبرجد. فندم الاخذ والتارك. ورجع ذو القرنين إلى دومة الجندل وكان بها منزله. فلم يزل بها حتى قبضه الله إليه.
وكان صلى الله عليه وآله إذا حدث بهذا الحديث قال: رحم الله أخي ذا القرنين ما كان مخطئا إذ سلك وطلب ما طلب ولو ظفر بوادي الزبرجد في ذهابه لما ترك فيه شيئا الا أخرجه للناس، لأنه كان راغبا ولكنه ظفر به بعد ما رجع فقد زهد.
وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان ذا القرنين عمل صندوقا من قوارير ثم حمل في مسيره ما شاء الله، ثم ركب البحر، فلما انتهى إلى موضع قال لأصحابه: أدلوني، فإذا حركت الحبل فأخرجوني فان لم أحرك الحبل فأرسلوني إلى آخره فارسلوه في البحر وأرسلوا الحبل مسيرة أربعين يوما فإذا ضارب يضرب جنب الصندوق ويقول يا ذا القرنين أين تريد؟ قال أريد ان انظر إلى ملك ربي في البحر كما رأيته في البر؟ فقال يا ذا القرنين ان هذا الموضع الذي أنت فيه مر فيه نوح زمان الطوفان، فسقط منه قدوم فهو يهوي في قعر البحر إلى الساعة لم يبلغ قعره، فلما سمع ذلك ذو القرنين حرك الحبل وخرج.
(العياشي) عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: تغرب الشمس في عين حمئة في بحر، دون المدينة التي مما يلي المغرب يعني جابلقا.
قال الرازي: اختلف الناس في أن ذا القرنين من هو؟ وذكروا أقوالا:
الأول - انه الإسكندر بن فليقوس اليوناني قالوا والدليل عليه ان القرآن دل على أن الرجل المسمى بذي القرنين بلغ ملكه المشرق والمغرب ومثل ذلك الملك البسيط لاشك انه على خلاف العادة وما كان كذلك وجب ان يبقى ذكره مخلدا على وجه الأرض وان لا يبقى خفيا مستترا والملك الذي اشتهر في كتب التواريخ: