انه بلغ ملكه إلى هذا القدر ليس الا الإسكندر وذلك أنه لما مات أبوه، جمع ملك الروم بعد أن كانت طوائف، ثم حصد ملوك المغرب وقهرهم وأمعن حتى انتهى إلى البحر الأخضر، ثم عاد إلى مصر وبنى الإسكندرية باسم نفسه، ثم دخل الشام وقهر بني إسرائيل، ثم انعطف إلى العراق ودان له أهلها، ثم توجه إلى دارا وهزمه مرات إلى أن قتله واستولى الإسكندر على ملوك الفرس وقصد الهند والصين وغزا الأمم البعيدة ورجع إلى خراسان وبنى المدن الكثيرة ورجع إلى العراق ومرض بسهرورد (شهرزور - خ ل) ومات بها.
فلما ثبت بالقرآن ان ذا القرنين ملك الأرض كلها وثبت بعلم التواريخ ان الذي هذا شأنه ما كان الا الإسكندر وجب القطع بان المراد بذي القرنين هو الإسكندر بن فليقوس اليوناني.
ثم ذكروا في تسمية ذي القرنين بهذا الاسم وجوها:
الأول - انه لقب به لأنه بلغ قرني الشمس يعني مشرقها ومغربها.
والثاني - ان الفرس قالوا ان دارا الأكبر كان تزوج بنت فيلقوس، فلما قرب منها وجد رائحة منكرة فردها على أبيها وكانت قد حملت منه بالإسكندر فولدت الإسكندر بعد عودها إلى أبيها (فيلقس - خ ل) فبقى الإسكندر عند فيلقس وأظهر انه ابنه وهو في الحقيقة ابن دارا الأكبر، قالوا: والدليل على ذلك أن الإسكندر لما أدرك دارا بن دارا وبه رمق، وضع رأسه في حجره وقال لدارا:
يا أخي اخبرني عمن فعل هذا لأنتقم منه لك؟. فهذا ما قالته الفرس. قالوا فعلى هذا التقدير فالإسكندر دارا الأكبر وأمه بنت فيلقس، فهذا انما تولد من أصلين مختلفين الفرس والروم وهذا ما قاله الفرس وانما ذكروه لأنهم أرادوا ان يجعلوه من نسل ملوك العجم، وهو في الحقيقة كذلك، وانما قال الإسكندر يا أخي. على سبيل التواضع وإكرام دارا بذلك الخطاب.
والقول الثاني - قول أبي الريحان البيروني المنجم في كتابه الذي سماه:
بالآثار الباقية من القرون الخالية.