خرجوا به من السجن (1). فلما كان من الغد سمع بذلك نصر بن سيار فأرسل إلى السجان، فلما حضر سأله عن ح اله فقال: يا مولاي! لم يخرج من باب السجن وإنما خرج من مسيل الماء، فقال له: كذبت بل أخذت منه جعلا وتركته! ثم أمر به فضرب بالسياط إلى أن مات.
ثم أرسل صاحب شرطته إلى الكرماني أن صر إلينا فنحن ما أردنا بك ذلك إلا خوفا لفتنة، ولكن نريد أن نستشيرك في أمر، فصر إلينا مطمئنا آمنا. فلما دخل صاحب شرطته على الكرماني وبلغة ذلك، قال له: صر إلى صاحبك وقل له:
يا بن الخبيثة وابن القطعاء لا كان ذلك أبدا، أتريد أن يدهمني بمكره وبلائه، فوالله لولا أنك رسول لضربت عنقك! قال: فخرج عصمة (2) من عنده فقال: أيها الأمير!
ما رأيت علجا قط أشد منه، ولكني أعجب من يحيى بن نعيم الربعي (3) وأصحابه، والله إنه لأشد تعظيما له وإجلالا من بني عمه. قال: فدعا نصر بن سيار بدواة وبيضاء، ثم كتب إلى يحيى بن نعيم بهذه الأبيات:
إنا وهذا الحي من يمن * عند الفجار معاشر أكفاء قوم لنا منهم تراث جمة * ولهم لدينا إحنة ودماء قال: فلما وصلت هذه الأبيات إلى يحيى بن نعيم الربعي وفهمها أقبل على الرسول وقال: لولا أنك رسول لبعثت إليه برأسك، ولكن أبلغه عني وقل له: يقول لك يحيى بن نعيم: خبرنا عن يد أبيك التي قطعت اليمنى كانت أم اليسرى؟ قال:
فانطلق الرسول إلى نصر بن سيار فأبلغه ذلك، فقال نصر: ما أعرفني بقلة عقول ربيعة!
ثم دعا نصر برجل من أصحابه يقال له [قديد بن -] (4) منيع، وكان صديق الكرماني وقال له: صر إليه وأعذر إليه أن يقع بيننا وبينه. قال: فأقبل [قديد بن]