وأقباط وجرامقة وأنباط وجراجمة وأخلاط مغاربة وسقالبة، زراعون وفلاحون أوباش وأخناش، فلا يهولنكم أمرهم، فوالله ما لقوا مثل جدكم! وإني لأرجو أنهم ما جاؤوا إلا لهلاكهم وحلول النعمة بهم، وليس يردعهم عن غيهم إلا الطعن في نحورهم والضرب بالمشرفية على قممهم، فأعيروني سواعدكم ساعة تصطفقون بها هامهم وخراطيمهم، فإنما هي غدوة أو روحة حتى يحكم الله بينكم وبين القوم الظالمين.
قال: فأقام القوم على ذلك ثلاثة أيام (1) ليس بينهم حرب ومسلمة بن عبد الملك يبعث إلى يزيد بن المهلب ويسأله أن يحقن الدماء ويرجع عما هو عليه على أن يوليه ويولي إخوته أي بلد شاء وأحبوا، ويزيد يأبى ذلك.
قال: ثم أقبل يزيد على أصحابه فقال: إني قد عزمت أن أنتخب من عسكري هذا ثمانية آلاف (2) رجل فأضمهم إلى محمد بن المهلب وآمره أن يكبس عسكر مسلمة ليلا فيضع فيهم السيف، فإن كان ما أحب فذاك وإلا ناجزتهم غدا إن شاء الله ولا قوة إلا بالله، فإني أرجو أن ينصرني الله عليهم. قال فقال له رجل من أصحابه يقال له السميدع: أيها الأمير! إن القوم يذكرون أنهم يدعوننا (3) إلى كتاب الله وسنة نبيه محمد (صلى الله عليه وعلى آله)، فكيف تغدر بهم وبناسهم (4). قال: فتبسم يزيد ثم قال: ويحك يا سميدع! وتصدق هذا أن بني أمية يعملون بالكتاب والسنة!
وقد فعلوا بالحرمين ما فعلوا، وهدموا البيت، وقتلوا ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن الزبير وصلبوه منكسا، اقبلوا مني وابدأوهم قبل أن يبدأوكم وبادروا القوم، فليسوا عندي بشيء، ولا يهولنكم مسلمة بن عبد الملك والعباس بن الوليد، فوالله لوددت أنهما وجميع بني أمية وأنا وإخوتي في حظيرة واحدة! فلا يبقى منا إلا من غلب بسيفه، والله أن لو كانوا في الأرض جميعا وأنا وحدي ليس معي أحد من الناس لما برحت هذه العرصة أبدا! لي كان أم علي. قال: فأبى عليه أصحابه أن يبيتوا القوم، فأمسك عنهم (5).
إذا كان من الغد دنا القوم بعضهم من بعض وذلك في يوم الجمعة (6)، قال: