أفتح لكم بيت المال في وقتي هذا ولا أن أعطيكم منه شيئا إلا بإذن أمير المؤمنين (1)، ولكني قد أمرت لكم بنفقة من مالي فخذوها وتوزعوها بينكم، فإذا أنا فرغت من يزيد بن المهلب كتبت إلى أمير المؤمنين بذلك ثم إني أضع لكم الارزاق فأعطي كل رجل منكم على قدر ما أرى منه فيما قد عزمت عليه إن شاء الله ولا قوة إلا بالله. قال:
ثم أمر للناس بشيء يسير لا قدر له فاقتسموه بينهم، فأصاب كل رجل منهم درهمان لا أقل ولا أكثر، فأنشأ الفرزدق بن غالب يقول:
أظن رجال الدرهمين يقودهم (2) * إلى الموت آجال لهم ومصارع وأكيسهم (3) من قر في قعر بيته * وأيقن أن الموت لابد واقع (4) قال: وأقبل يزيد بن المهلب فيمن معه من الناس حتى نزل قريبا من المريد، وسار إليه عدي بن أرطاة في أهل الشام ومن جاءه من أهل البصرة، فلما دنا القوم بعضهم من بعض دعا يزيد بن المهلب بأخيه محمد بن المهلب وابن عم له يقال له المهلب بن العلاء بن أبي صفرة فضم إليهما ألف رجل وأمرهما بالتقدم، فالتقى القوم للقتال وحمل بعضهم على بعض فاقتتلوا قتالا شديدا، وحمل محمد بن المهلب على رجل من أصحاب عدي بن أرطاة يقال له المسور بن عباد الحنظلي (5)، فضربه بسيفه ضربة على أنف البيضة فقطع أنف البيضة وأسرع السيف في أنفه. ثم حمل أيضا على هريم بن أبي طحمة (6) ليجتذبه عن فرسه إلى الأرض فلم يقدر على ذلك، قال: وضحك هريم بن أبي طحمة (6) وقال: هيهات يا بن أخ! إن عمك أثقل مما تحسب، قال: ثم تقدم غلام لحبيب بن المهلب يقال له دارس وكان فارسا بطلا، فجعل يرتجز ويقول:
أنا غلام الأزد اسمي دارس * ليث غضوض هرت خنابس إن تميما ساء ما يمارس * إذا التقينا فارس وفارس