عيسى بن نهيك (1) والسندي بن شاهك (2): والله إن لم تقروه وتردوه عن هذا الرأي لا تركت لهم ضيعة إلا قبضتها ولا يكون لي همة إلا أنفسكم، فدخلوا على محمد وقالوا (3): قد بلغنا الذي عزمت عليه فنحن نذكرك الله في نفسك إن هؤلاء صعاليك وقد ضاقت عليهم المذاهب وهم يريدون الأمان على أنفسهم عند أخيك وعند طاهر وهم بين يأخذوك أسيرا أو يأخذوا رأسك فيتقربوا بك إلى عدوك ويجعلوك سبب أمانهم. ولما انتقض هذا الرأي عزم على الخروج إلى هرثمة، فقالوا: الخروج إلى طاهر خير لك من الخروج إلى هرثمة.
فقال: ويحكم! أنا أكره الخروج إلى طاهر وذلك لمنام رأيته، وذلك أني رأيت في منامي كأني على حائط من آجر شاهق في الهواء عريض الأساس وثيق لم أر حائطا يشبهه في الطول والعرض والوثاقة، وعلي سوادي وسيفي وقلنسوتي وخفي.
وكان طاهر في أصل ذلك الحائط بيده شيء يضرب به ذلك الحائط حتى سقط الحائط وسقطت قلنسوتي عن رأسي، وأنا أتطير من طاهر وأكره الخروج إليه، وهرثمة مولانا، وهم بالخروج إليه وعملت حراقة ليركبها مع هرثمة، فعلم طاهر بن الحسين، فوثب طاهر وأكمن نفسه في الخلد، فلما صار إلى الحراقة (4) خرج طاهر إليه وأصحابه فرموا الحراقة (5) بالسهام والحجارة، فمالوا ناحية الماء فانكفأت الحراقة، فغرق محمد وهرثمة ومن كان فيها، فسبح محمد حتى سار إلى بستان موسى (6)، فظن أن غرقه كان حيلة من هرثمة عليه، فعبر الدجلة حتى صار إلى قرية الصراة، وكان محمد بن حميد (7) هناك، فصاح بأصحابه فأخذوه وحبسوه وحملوه على برذون، وألقي عليه إزار من أزر الحبل غير مفتول، وصار به إلى منزل إبراهيم بن جعفر البلخي، وكان نازلا بباب الكوفة وأردف رجلا يركب خلفه كي لا