وأجعل مالي دون عرضي جنة * لنفسي (1) وأستغني (2) بما كان من فضلي قال: ثم أنشد عبد الله هذه الأبيات يقول:
بكرت تلومك مطلع الفجر * ولقد تلوم بغير ما تدري ما إن جعلت بها وقد عتيت * أن لا تحكم طائعا أمري ملك الأمور علي مقتدر * يعطي إذا ما شاء (3) من يسر ولرب مغتبط تمد له (4) * ومفجع (5) بنوائب الدهر ومكاشح لي قد مددت له * نحرا بلا ضرع ولا غمر حتى يقول لنفسه لهف * في أي مذهب غاية أجري ويرى قناتي حين يغمزها (6) * غمز الثقاف بطيئة الكسر (7) قال: فقلت: يا أمير المؤمنين! ما رأيت أحدا من أبناء الخلافة (8) ومن معادن النبوة كأغصان هذه الشجرة الزاكية ولا أحسن ألفاظا ولا أشد اقتدارا منهما على (9) ما قد تحفظا ورويا، فأسأل الله أن يزيد [بهما] الاسلام تأييدا وعزا، وأن يدخل بهما على أهل الترك قال: فأمن الرشيد على دعائي ثم قبضهما إلى أن رأيت دموعه تجري على صدره، ثم أمرهما فذهبا.
وأقبل علينا وقال: كأنكما بهما وقد (10) طلع نجم السماء ونزل مقادير السماء، وبلغ الكتاب أجله، وانتهى الامر إلى وقته، وقد تشتت أمراهما واختلفت كلمتاهما وأظهرت عداوتهما وانقطعت قرائن الرحمة والرأفة منهما، حتى تسفك بينهما الدماء وتهتك بهما ستور النساء ويكثر بينهما القتلى ويتمنى كثير من الاحياء أنهما كانا بمنزلة