رأت (1) في الليلة التي حملت بمحمد كأن ثلاث نسوة قد أقبلن فوصلن إليها، فقعد ثنتان عن يمينها وواحدة عن شمالها فأمرت واحدة منهن يدها على بطنها وقالت:
ملك جزل، عظيم البذل، ثقيل الحمل، نكد الفعل، فقالت الأخرى (2): ملك غمر، قصير العمر، سليم الصدر، منهتك الستر، وقالت الأخرى: ملك قصاف، عظيم الاتلاف (3)، قليل الانصاف، كثير الخلاف. قالت زبيدة: فانتبهت وأنا فزعة مرعوبة لما رأيت، فلم أر هؤلاء النسوة حتى كانت الليلة التي وضعت فيها فأتينني في منامي في الزي الذي رأيتهن فيه، فقعدن عنده واطلعن في وجهه. ثم قالت واحدة منهن: شجرة نضرة (4)، وريحانة خضرة، وروضة زاهرة، [ثم قالت الثانية: عين غدقة] (5) قليل بقاءها سريع فناءها، عجل ذهابها، فقالت الأخرى: سفيه عارم، طلاب المغارم، جري على العظائم، جسور على المآثم، فقالت الأخرى: عدو لنفسه، وضعيف [في -] (6) بطشه، سريع [إلى -] (6) غشه. قالت زبيدة:
فانتبهت مرعوبة وقلت: لعل هذا مما يطرق النائم، حتى إذا تم رضاعه أتين ثلاثتهن كما رأيتهن حتى قعدن عند رأسه، فقالت واحدة منهن: ملك جبار، متلاف غدار (7)، بعيد الآثار، كثير العثار، قالت الأخرى: ملك (8) مخصوم، محارب مهزوم، راغب محروم، سقيم منهوم (9)، قالت الأخرى (10): احفروا قبره، هيئوا أمره، وقربوا الكنانة، شقوا أكفانه، فإن موته خير من حياته.
ثم قالت خالصة: ويحك يا أحمر! وقد بعثت السيدة زبيدة إلى المنجمين ومن يبصر تعبير الرؤيا فقصت عليهم رؤياها، فكانوا يبشرونها بطول عمره ويعدونها ببقائه، وقلبها كثير الحذر عليه لما رأت في منامها. قال: ثم بكت خالصة