قال: ثم أقبل المهلب على هذا الثقفي فقال: انصرف الان إلى الحجاج فأخبره أن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب - والسلام -. قال: ثم كتب أبو خالد اليشكري مع هذا الثقفي إلى الحجاج بهذه الأبيات:
ألا قل لمن ظن المهلب خائنا * هلم فكن فينا مكان المهلب وحدث بتعليم القتال وحاربا * بأجسامنا (1) والعفو عن كل مذنب فإن رجالا غيبوا عن طعاننا * وعن ضرب هامات الليوث المجرب قد أعطوك من أمر المهلب عنوة * وقد ذهبت أبناؤه كل مذهب فلو ذقت كأسا من عبيدة مرة * وعمرو القنا أو عبد رب وشوذب ومن قطري أو عطية وابنه * ومن صالح أو من زبير ومصعب لا يقنت أنا في حلوق عدونا * شجى ناشب سل يا بن يوسف تعجب فأرسل إلينا من يعاين فعلنا * يقل حين يخبرنا فدا لكم أبي قال: فغضب الحجاج من ذلك، ثم قال لجلسائه: ألا ترون إلى فعل هذا المروي قد أكل الأرض وجبا الأموال ثم يتربص بي وبأمير المؤمنين ويكتب إلي بمثل هذا وأشباهه. ثم قال: يا غلام! اكتب إلى المهلب! وابعث به إليه: أما بعد فإنك مري وابن مري (2)، وأيم الله لئن لم تجهد في قتال القوم لأبعثن إليك من يحملك على مكروهك - والسلام -. قال: فكتب إليه المهلب: أما بعد فقد ورد علي كتابك تذكر فيه أني مري وابن مري، وما أنكر ذلك وأنا مروي - اسم سمتنا به العجم، ولكن الأمير - أعزه الله - من قبيلة قد ادعت في خمس قبائل من العرب وما استقرت بعد قرارها في واحدة منها، واحدة أنهم بقية من بقايا آل ثمود، والثانية أنهم انتموا إلى وحاظة (3) ووحاظة لا عقب لها، والثالثة أنهم انتموا إلى زياد، والرابعة أنهم انتموا إلى هوازن، والخامسة أنهم انتموا إلى ثقيف، فليت شعري في أي الاحياء هم اليوم - والسلام -. قال: فقرأ الحجاج كتاب المهلب [و] استغرب ضحكا، ثم قال: أفحشنا على الرجل ففحش علينا، والبادي أظلم.
قال: ثم كتب بعض أصحاب المهلب إلى الحجاج بهذه الأبيات: