خبر الجاريتين ابنتي تبع الحميري وخبر محمد بن يوسف أخي الحجاج وخبر السيف وهذا داخل في حديث الأزارقة قال الهيثم بن عدي في بعض أخباره: كان محمد بن يوسف أخو الحجاج بن يوسف يومئذ عاملا على اليمن من قبل الحجاج، فدلوه على مطمورة هناك، فحفرها فإذا هو بحجر منقور طويل، وفي الحجر جاريتان عند رؤوسهما لوح من حجر مكتوب فيه الحميري: (يا أخي! وهذه أختي لميس، ونحن ابنتا تبع الحميري، غير أننا متنا ولا نشرك بالله شيئا. وإذا عند رأس إحداهما (1) هذه الأبيات مكتوبة في الحجر:
كنت العزيزة في قومي فما امتنعت * نفسي بعزتها لما أتى القدر لما أتاني الذي قد كنت أحذره * سلمت واستعجلتني عبرة درر وارفض من كان حولي من ذوي ثقة * كيما أوارى فلا شخص ولا أثر وأخرجوني من الدنيا وزينتها * وصار أكبر ما ألحقته المدر قال: وإذا عند رأس الأخرى مكتوب في الحجر هذه الأبيات:
جار الزمان علينا مثل ما صنعت * أيامه بابن ذي الصقرين ذي يزن كنا نرى وملاهي الدهر تذهلنا * إن المنعم قد تعرى من الحزن كانت لنا جنة خضراء معشبة * للطير والوحش فيها صوت مرتهن قال: وإذا بين هاتين سيف مأثور لا يدرى ما قيمته، قال: فأخذ محمد بن يوسف ذلك السيف وخرج من المطمورة ورد الحفر إلى ما كان. ثم كتب إلى الحجاج يعلمه أمر المطمورة وبعث إليه بذلك السيف، قال: فنظر الحجاج إلى سيف قاطع من سيوف الأولين، فقال لجلسائه: ما يصلح هذا السيف إلا للمهلب يقاتل به هؤلاء الخوارج. قال: فبعث الحجاج بذلك السيف إلى المهلب وأمره أن يدفعه إلى أشد أولاده وأشجعهم. قال: فوهب المهلب هذا السيف لابنه المغيرة.
وزحفت الأزارقة نحو المهلب في جيش لجب، وتقلد المغيرة بذلك السيف وخرج نحو الأزارقة، ودنت الأزارقة يقدمهم صالح بن مخراق العبدي شاكا في السلاح، وعلى رأسه بيضة مجلية، وقد وضع على قفاه مزردة محشية بالقز وهو يرتجز ويقول: