ذكر نزول قتيبة على سمرقند ومحاربته أهلها قال: فنزل قتيبة على سمرقند وبها يومئذ ملكها غوزك بن أخشيد السغدي في ثلاثين ومائة ألف من السغد، قال: فأحدق قتيبة بأبوابها، وخرجت إليه السغد في الآلة والسلاح والعدة الكاملة، واشتبك الحرب بين الفريقين فاقتتلوا مرارا، كل ذلك ينتصف بعضهم من بعض، فلما كان بعد ذلك بأيام أقبل نفر منهم حتى وقفوا على سور المدينة، ثم تكلم رجل منهم بالسغدية فقال: يا معشر العرب! على ماذا تقاتلونا وتدخلون على أنفسكم المشقة والعناء في أمر لا تصلون إليه؟ إنا قد وجدنا في بعض كتبنا أن مدينتنا هذه لا يفتحها إلا رجل اسمه أكاف الجمل، فانصرفوا عنا ولا تتعبوا خيلكم وتقتلوا أنفسكم، فقال قتيبة: ما الذي يقول هؤلاء القوم؟ فقال رجل ممن يفهم كلامهم: إنهم يقولون كذا وكذا، فقال قتيبة: الله أكبر! فأنا والله أكاف الجمل، أنا قتيبة والقتب قتب الجمل. قال: ثم جد في حربهم، فقتل منهم في ذلك اليوم خلق عظيم.
قال: وكتب ملك سمرقند إلى ملك الشاش (1) بأن العرب قد قاتلونا وقاتلناهم، فإن هم ظفروا بنا ساروا إليكم فانظروا لأنفسكم فإنما (2) نحن الجنة دونكم، فإن وصل إلينا كنتم أنتم أذل وأهون. فاجتمع أهل الشاش على نصرة أهل سمرقند، ثم إنهم أرسلوا إلى غوزك بن أخشيد أن أشغلهم أنت بالقتال حتى نبيت نحن عسكرهم. قال: وجعل أهل الشاش ينتخبون أهل النجدة والشجاعة من أهل بلدهم (3)، ثم إنهم ساروا مجمعين على بيات العسكر عسكر قتيبة، واتصل الخبر بقتيبة، فانتخب من عسكره سبعمائة (4) رجل، كل رجل منهم يحتاج إلى رجال، ثم قال لهم: اعلموا أن أهل الشاش قد ساروا إلى ما قبلكم يريدون أن يبيتوكم بزعمهم، فأخرجوا إليهم الان فاكمنوا لهم في موضع كذا وكذا، وذبوا عن دينكم وأحسابكم - والسلام -.
قال: فخرج المسلمون وذلك في وقت المغرب، فنزلوا على فرسخين من