قال: وجعل يزيد يضم الأموال بعضها إلى بعض ويمد يده إلى أموال خراسان حتى أخذ منهم أموالا جليلة ظلما وعدوانا. قال: وكتب قوم من أهل خراسان إلى سليمان بن عبد الملك بأن يزيد بن المهلب يريد أن يتغلب على خراسان وأنه قد عزم على الخلع والعصيان كما فعل قتيبة بن مسلم، فلما قرأ سليمان بن عبد الملك كتاب أهل خراسان اغتم لذلك وضاق صدره وتحير في أمره ولم يدر ما يصنع، ثم استشار خاصته وأهل بيته ووزراءه، فقال له بعض وزرائه: يا أمير المؤمنين! إن الأموال التي قد صارت إلى يزيد بن المهلب ليست بقليلة، ومن صارت إليه مثل هذه الأموال أمكنه أن يتغلب على البلاد، والرأي في ذلك أن يوجه أمير المؤمنين إلى يزيد بن المهلب برجل من أهل بيته أو بعض إخوته حتى يأخذ ما عنده من الأموال، فإذا فعل به ذلك يكون قد قص جناحه، فإن رام العصيان لم يقدر على ذلك. قال فقال سليمان بن عبد الملك: هذا هو الرأي بعينه.
ذكر رجوع مسلمة بن عبد الملك إلى دار الاسلام بعد أربع عشرة سنة (1) قال: ثم كتب سليمان إلى أخيه مسلمة بن عبد الملك، ومسلمة يومئذ بأرض الروم على باب القسطنطينية نازل في مدينة القهر التي قد ذكرناها قبل ذلك. قال:
فكتب إليه سليمان بن عبد الملك كتابا لطيفا يعزيه في أبيه عبد الملك وفي أخيه الوليد، وخبره في كتابه بأمر يزيد بن المهلب، وأمره في كتابه بالانصراف إلى ما قبله ليوجه به إلى خراسان.
فلما ورد الكتاب على مسلمة لم يجد بدا من الانصراف إلى أرض الشام، ثم نادى في الناس أن اركبوا فإني قد عزمت على مناجزة أهل قسطنطينية، قال: فركب الناس وزحفوا نحوها. قال: وعلمت الروم بذلك فخرجوا إلى مسلمة في تعبية لم يخرجوا إليه في مثلها قبل ذلك اليوم، ودنا القوم بعضهم من بعض فاقتتلوا، فقتل من الفريقين جماعة وولت الروم الادبار والسيف يعمل في أقفيتهم حتى دخلوا مدينتهم، واحتوى المسلمون على ما قدروا عليه من غنائمهم ورجعوا إلى مدينتهم القهر.
فلما كان من الغد إذا بكتاب إليون ملك الروم وقد ورد على مسلمة: أما بعد أيها الأمير! فقد طال هذا الامر بيننا جدا ولم أظن أن أمرنا يكون هذا، والآن فإني قد