السغد: أيها الأمير! أنت إنما تقاتلني بإخواني من العجم (1)، فأخرج إلي العرب حتى تعلم كيف أحاربهم! قال: فغضب قتيبة لذلك ثم نادى في المسلمين فانتخب الابطال من عسكره فقدمهم إلى الحرب، وأمر أصحاب المجانيق بالرمي، فكان المسلمون يرمونه بحجارة المجانيق والسغد يرمونهم بالنشاب، فلم يزل المسلمون كذلك حتى ثلموا السور برمي الحجارة. قال: وصاح القوم بقتيبة أن ارجع عنا اليوم فإنا نصالحك غدا، فقال قتيبة: إنه قد جزع السغد فانصرفوا عنهم على كفرهم.
قال: فانصرف المسلمون (2) عنهم إلى عسكرهم (3).
ذكر صلح قتيبة بن مسلم على سمرقند ودخوله والمسلمين إياها قال: فلما كان من غد دنا قتيبة من السور ووقع الصلح بين القوم، فصالحهم قتيبة على ألفي ألف درهم عاجلة ومائتي ألف درهم في كل سنة، وعلى ثلاثة آلاف رأس من الرقيق ليس فيهم صبي ولا شيخ، وعلى ما في بيوت النيران من حلية الأصنام، وعلى أنهم يبنون لقتيبة في المدينة مسجدا، وعلى أنهم يخلون المدينة فلا يكون فيها مقاتل، ويدخلها قتيبة وأصحابه ويصلي ويخطب ويتغدى بها ثم يخرج (4)، فأجابه غوزك بن أخشيد إلى ذلك على أنه يدخل من باب كس ونسف ويخرج من باب الصين. قال: وأمر غوزك باتخاذ الطعام لقتيبة ولوجوه أصحابه ثم أمر بباب سمرقند ففتح، فدخل المسلمون المدينة بالتكبير، وأقبل قتيبة في إخوته وبني عمه حتى إذا صار إلى باب سمرقند قد استقبله غوزك بن أخشيد فسجد له، ثم مشى بين يديه حتى صار إلى بيت الأصنام فجلس فيه، وأقبل غوزك حتى وقف بين يديه بلا سيف، فجعل قتيبة ينظر إلى غلمان غوزك في مناطق الذهب المرصعة بالجوهر، فاغتاظ لذلك غيظا عظيما حتى احمرت عيناه وأراد أن يغدر بغوزك فتبين ذلك في وجهه، ثم إنه لم ير ذلك صوابا، فتم لغوزك ما صالحه عليه، فأنشأ