بسم الله الرحمن الرحيم ذكر كلام عبد الملك بن مروان على المنبر، وإجابة الحجاج إياه، وتولية الحجاج العراقين (1) جميعا قال: فتكلم عبد الملك بن مروان، فقال: أيها الناس! إن العراق قد تكدر ماؤها، وظهر جدبها، وملح عذبها، وبدا وميضها، واشتد ضرامها، وكثر لهبها، وثار قتامها (2)، وعظم شررها، وعلا أمرها، وأبرق رعودها، وكثر وقودها، بحطب حي، وجمر ذكي، ودخان وهي، وهؤلاء الأزارقة، الطغاة المارقة، قد اشتدت شوكتهم، وتفرقت جرثومتهم، حتى قد حذرهم (3) الصغار، وليس يقوم لهم الكبار، فمن ينتدب لهم منكم بسيف قاطع، وسنان لامع، وقلب جامع، فيخمد نيرانهم وينتفع بها خطرها ويأمن الكاعب، ويرجع الغائب، ويصفو البلاد، ويسلس القياد؟
قال: فسكت (4) الناس وقام الحجاج فقال: أنا للعراق يا أمير المؤمنين! فولني إياها، فأنا الليث القمقام، والليث الضرغام، والسيف الحسام، الهشام للعظام والهام، وأنا فراج الصفوف، وقاتل الألوف، ومأوى القرى والضيوف، وخلس الحمام والحتوف، والقنا والسيوف. قال فقال له عبد الملك بن مروان: اسكت!
فلست هناك. ثم قال: أيها الناس! إنه قد أطرقت الليوث، وكاعت الديوث، وتربصت البعوث، ولست أرى أسدا يقصد لفريسته، ولا ذئبا يسمو نحو بغيته، ولا نمرا يخرج من غيضته، فمن للعراق وحرب الأزارقة؟ قال: فسكت الناس وتكلم الحجاج فقال: أنا لها يا أمير المؤمنين! فولني إياها، فأنا الليث الغشمشم، والقرن