ثم رجعنا إلى خبر قتيبة بن مسلم وسنرجع إلى خبر يزيد بعد إن شاء الله تعالى قال: واستولى قتيبة على خراسان ودان له الناس بالسمع والطاعة، فلم يكن بخراسان أحد يتقى من ناحيته إلا رجلان: أحدهما يقال له نيزك (1) البرقشي، وكان تركيا غير أنه أسلم على يدي بعض ولاة خراسان وكان مع ذلك شريرا غدارا، والاخر عثمان بن مسعود التميمي، وكان أيضا شريرا قتالا وكان متزوجا إلى الترك، وهو الذي قتل موسى بن عبد الله بن خازم السلمي من قبل. قال: فاتقى قتيبة بن مسلم من هذين الرجلين، غير أن نيزك (1) البرقشي قدم على قتيبة فصالحه (2) عن أرضه وبلاده وصار معه وناصحه، وأما عثمان بن مسعود فكأنه تأبى على قتيبة أن يصير إليه. قال: وجعل قتيبة يكتب إليه ويلطفه في كتبه ويختدعه بالهدايا، فلم يزل كذلك حتى صار إليه فقربه قتيبة وأدنى مجلسه وألطفه. قال: ودخل المجشر (3) بن مزاحم السلمي على قتيبة مسلما، فنظر إلى عثمان بن مسعود جالسا عن يمينه، فأحب أن يحرضه عليه فقال: أبا عمرو! وما فعل موسى بن عبد الله بن خازم السلمي؟ فقال عثمان: أعن ابن عمتك تسألني؟ فقال: نعم، عنه أسألك، قال:
استودعته نهر بلخ، وأيم الله لو كنت حاضرا في ذلك الوقت لألحقتك به! قال:
فعلم قتيبة بن مسلم أن الرجل قتال سفاك للدماء، فقال له: أبا عمرو! إن الأمير الحجاج بن يوسف قد كتب إلي فيك يأمرني بإزعاجك إلى ما قبله، فسر إليه فإنه قد علم حسن بلائك وما كان من نكايتك في العدو، فإنه يحب أن يراك ويكافئك على ذلك وبلغ بك ما أنت أهله في طاعتك وأثرك. فقال له ابن مسعود: نعم أيها الأمير!
ولكني انصرف فأتأهب لذلك، فقال قتيبة: وذاك لك. قال فقال المجشر (4) بن مزاحم: أيها الأمير! إن صار إلى منزله لم يرجع إليك أبدا، ولم تره إلا في الخيل والكتائب، فإن بني تميم يحمونه، وله في الناس صنائع ليس لاحد مثلها، فقال له قتيبة بن مسلم: وما هذه الصنائع التي له عند الناس؟ قال: فوثب عثمان بن مسعود وخرج فلم يحب أن يسمع ذلك، فقال قتيبة: ويحك! فما هذه الصنائع؟ فإنه قد