قال: فخلى الحجاج سبيله وزاده في عطائه مائة دينار، وكتب إلى عبد الملك بن مروان يخبره بخبره وخبر النسوة والمرأة وشعرها. قال: فكتب إليه عبد الملك بن مروان: زده في عطائه دنانير أخرى! فصارت له زيادتان: زيادة الحجاج وزيادة عبد الملك بن مروان، فأنشأت ليلى الأخيلية تمتدح الحجاج وهي تقول:
إذا نزل الحجاج أرضا منيعة * تتبع أقصى دائها فشفاها شفاها من الداء العضال الذي بها * همام إذا هز القناة سقاها سقاها دماء المارقين وعللها * إذا جمحت يوما وخيف رداها أحجاج لا تعط العصاة مناهم * فلا وإلهي لا تصيب مناها ولا كل حلاف تقلد بيعة * بأعظم حق الله حين شراها ذكر عمران بن حطان الخارجي (1) قال: وجعل الحجاج يطلب عمران بن حطان بالعراق أشد الطلب لأنه كان من رؤساء الخوارج وأعلامهم، وعلم عمران بن حطان أن الحجاج يطلبه، فضاقت عليه العراق فهرب حتى لحق بالشام خوفا من الحجاج، فنزل على قوم من بني غسان فأنكروه، وتحول عنهم فنزل على قوم من بني لخم فأنكره رب منزله، فتحول (2) حتى صار إلى روح بن زنباع الجذامي ونزل عليه، وكان عمران بن حطان هذا من أفصح الناس وأعلمهم بأيام العرب، وكان روح بن زنباع هذا سيدا في قومه عظيم القدر عند أهل الشام، فلما نزل عليه عمران بن حطان سأله روح بن زنباع عن اسمه ونسبه، فغير اسمه ونسبه وذكر أنه من أزد شنوءة، قال: فقربه روح بن زنباع وأكرمه بغاية الكرامة. ثم قال ذات يوم لعبد الملك بن مروان: يا أمير المؤمنين! إن في ضيافتي رجل من أزد شنوءة لم أر مثله ساعة، ثم جعل يحدثه بما سمع منه من أخبار العرب، فقال عبد الملك بن مروان: ويحك يا أبا زرعة! هذا رجل علامة فصفه