قال: وأصبح الحجاج من غد فدعا بكاتبه، فقال: اكتب إلى المهلب بن أبي صفرة: أما بعد فإن بشر بن مروان وجهك إلى الحرب التي (1) للأزارقة وكان مستكرها لنفسه فيك، وأنا أريد لحاجتي إليك فأبشر وقر عينا وأثبت على حرب القوم، فوالله لأحشرن إليك حشرا ولأعجلن الرجال على إلحام الخيل، ولآخذن السمي بالسمي والكني بالكني والولي بالولي حتى يكون من يوافيك أكثر مما يفارقك، وما لي قول هو أعظم من نعمة الله عز وجل عليك - والسلام - (2).
قال: ثم أمر الحجاج مناديه، فنادى بالكوفة: ألا! إننا قد أجلنا من كان من أصحاب المهلب ثلاثا، فمن أصبناه بعد ذلك فعقوبته ضرب عنقه. قال: ثم دعا الحجاج بحاجبه زياد بن عروة وبصاحب شرطته سويد بن ثروان فقال لهما: اركبا في حماعة من الجند، وأمراهم (3) أن يعلقوا السياط في خناصرهم والسيوف في أيمانهم، واحشرا (4) الناس إلى المهلب حشرا، فمن تأخر وأبى فاستعملوا فيه السيف. قال: فحشرا الناس إلى المهلب بن أبي صفرة حتى لم يفقد من أصحابه الذين تفرقوا عنه رجلا واحدا.
قال: ثم كتب إليه الحجاج يعلمه أنه قد جعل له الشرط الأول وأن له خراج ما غلب عليه من البلاد إلى أن يقضي حرب الأزارقة. قال: فكانت الأموال تنتقل إليه من أرض فارس إلى أرض البصرة في البدر مكتوب عليها: (هذا ما أطعم الله المهلب بن أبي صفرة مما غلب عليه من بلاد الله) يحمله إلى قومه من العتيك، لا يعترض عليه معترض.
قال: وعلم (5) أهل خراسان بقدوم الحجاج إلى العراق فكتبوا إليه يشكون أميرهم أمية بن عبد الله بن خالد القرشي وأنه قعد عن الجهاد، وفي الكتاب إلى