عني: إن رضي أخوك جنغان بذلك آمنتك واستبقيتك، فكلمه واطلب إليه في ذلك. قال: فأرسل إليه خرزاد: أيها الأمير! إنه ليس في عسكرك أحد يطمع أن يعيش خمسين سنة، وقد علمت أن مصيري إلى الموت، وليس مثلي من ذلك لأخيه، وإنما أحببت أن أكون لك لا لغيرك، والقتل أحب إلي من الطلب إلى أخي، فإن مت أو قتلت فإنه قد مات من كان أنبل مني وأشد مني تملكا وتجبرا - والسلام -.
قال: ووقع الحرب بين أهل خوارزم وبين قتيبة، فلم يكن إلا ساعة حتى أخذ خرزاد أسيرا، فأتي به إلى قتيبة حتى وقف بين يديه، فقال له قتيبة: كيف رأيت ما أنزل الله بك يا خرزاد؟ فقال: أيها الأمير! لا تلمني فإني ما ضربت بيدي إلى سيفي إلا لتحكم بيني وبينك فخذلني سيفي ولم يطاوعني، قال قتيبة: هذا يكون، ثم قدمه فضربت عنقه صبرا (1). فقال جنغان: أيها الأمير! إنك لم تشف صدري بعد، قال قتيبة: فما تريد يا جنغان؟ قال: أريد أن تقتل كل من كان معه علي، قال:
فجمعهم قتيبة وهم خلق كثير من الأسارى فسلمهم إلى جنغان، فقدمهم جنغان فضرب أعناقهم صبرا، ثم أخذ أموالهم فدفعها إلى قتيبة، ثم وفى بما كان ضمن له. قال: فأخرج قتيبة من ذلك الخمس فوجه به إلى الحجاج، وقسم باقي ذلك في المسلمين، فأنشأ كعب بن معدان الأشقري (2) يقول في ذلك أبياتا مطلعها (3):
إني رأيت أبا حفص يزينه (4) * أيامه ومساعي الناس تختلف إلى آخرها.
ذكر مسير قتيبة إلى السغد من بعد فتح خوارزم وما والاها قال: فلما فرغ قتيبة من أمر خوارزم قام إليه المجشر (5) بن مزاحم السلمي