قال: ثم رفع صوته وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله! وفارق الدنيا، فكانت خلافته ثلاث عشرة سنة وستة أشهر - والله أعلم - (1).
قال: وصار الامر من بعده إلى ابنه الوليد، وبلغ ذلك يزيد بن المهلب فاغتم غما شديدا وعلم أن الحجاج قد خدعه وأخرجه من خراسان وولى قتيبة بن مسلم، فجعل يقول لمن معه: إن الحجاج بن يوسف لم يكن ليقدم علينا بسوء وأمير المؤمنين حي، والوليد لا يعرف حقنا ما كان أبوه يعرفه لنا من قبل.
قال: وبلغ المفضل (2) بن المهلب أن قتيبة بن مسلم قد ولي خراسان فكأنه أتقى على نفسه أمرا من الأمور، فخرج عن خراسان هاربا حتى لحق بالبصرة فنزلها عند أخيه مروان بن المهلب.
قال: وسار يزيد بن المهلب نحو العراق وهو في ذلك مغموم لا يدري كيف يقع من الحجاج، حتى إذا تقارب من أرض واسط أمر الحجاج باستقباله، فاستقبله الناس بالكرامة والبر حتى دخل على الحجاج فأكرمه وبره وأنزله وخلع عليه، فكان يزيد يغدو على الحجاج ويروح والحجاج لا يسأله عن شيء.
ذكر دخول قتيبة إلى خراسان أميرا عليها ثم نرجع إلى خبر يزيد بن المهلب قال: ودخل قتيبة بن مسلم بلاد خراسان فنزل مدينة مرو، فلم يكن بخراسان قيسي إلا استبشر بولايته ولا يماني إلا كره ذلك. قال: وجعل قتيبة يأخذ كل من كان يهوى إلى المهلب يحبسهم ويعذبهم ويطلب منهم الأموال ظلما وعدوانا، فأنشأ رجل من أهل خراسان يقول:
أبا خالد ضاعت خراسان بعدكم * وذال ذوو الحاجات أين يزيد فلا مطر المروان بعدك قطرة * ولا اخضر فيها بعد عزلك عود