إذا تقارب منها عدل وضرب عسكره بموضع يقال له دير الجماجم (1) على سبعة فراسخ من الكوفة، فنزل هنالك بأصحابه وأوليائه - والله أعلم وأحكم.
ذكر وقائع دير الجماجم.
قال: وجعل الحجاج يقول لأصحابه: هذا موضع حسن وليس بيني وبين أمير المؤمنين نهر يمنعني من المسير إليه، ولي رستاقان هما في يدي بابل (2) والفلوجة.
قال: وبلغ ابن الأشعث أن الحجاج قد نزل بدير الجماجم، فدعا بابن عمه عبد الله بن إسحاق بن الأشعث فاستخلفه على الكوفة، ثم جمع أصحابه وسار نحو الحجاج حتى نزل قريبا من دير الجماجم، وكان بين عسكره وعسكر الحجاج بثق ماء مسدود، إذا بثق لم يقدر أحدهم على قتال صاحبه، فأرسل الحجاج إلى ذلك البثق ففتحه خوفا على عسكره أن يكبس في جوف الليل.
قال: وبلغ ذلك عبد الملك بن مروان فضم إليهم أشراف أهل الشام وأهل الجزيرة، ووجه بهم إلى الحجاج مددا له في سبعين ألفا، ثم كتب إلى ابن الأشعث بالأمان له ولأصحابه على أنه يرجع عما هو عليه ويوليه أي بلد شاء، وكتب أيضا إلى أهل العراق أنه قد بلغني ما أنتم عليه من شتمي وخلعي، فإن كنتم إنما تريدون عزل الحجاج عنكم عزلته، وأخرجت أهل الشام من بلادكم، ووليت عليكم من تحبون، ولا يرى العراق شاما أبدا - والسلام -. (3) قال: وأقبل عبد الله بن عبد الملك وعمه محمد بن مروان في سبعين ألفا حتى نزلوا بدير الجماجم وضربوا عسكرهم ناحية من عسكر الحجاج، ثم بعث عبد الله بن عبد الملك بن مروان بالأمان إلى ابن الأشعث الذي كتب له عبد الملك بن مروان، وبعث أيضا إلى أهل العراق بكتاب عبد الملك بن مروان إليهم، فعزم أهل العراق