ويلبس يوما عرسه من ثيابه * إذا قيل هذا يا فلانة خاطب كأن لم يكن من قبل ذاك ولم يكن * نصيب لها في سالف الدهر صاحب فأحببت أن أصدق قول أبي شهاب بلبسي هذا من ثيابه، فانصرف عني من حيث جئت فلا حاجة لي في التزويج بعد أبي شهاب.
ثم رجعنا إلى الخبر الأول وأمر خراسان وهذا ابتداء أمر عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الكندي، والحديث طويل وهذا ابتداء، وسنأتي به من أوله إلى آخره إن شاء الله تعالى.
قال: وصفت العراقان (1) للحجاج بن يوسف فلم يكن أحد يناويه، وجعل الحجاج يضرب على الناس البعوث ويوجه بهم في الاعمال، فخرج اسم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فلم يحب أن يخرج فيه، فجاء إلى أمه أم عمران بنت سعيد بن قيس الهمداني فقال: يا أماه! إن الحجاج قد ضرب على الناس بعثا إلى موضع كذا وكذا وقد خرج اسمي في ذلك البعث، وقد أحببت أن تكلميه في ذلك فلعله أن يعفيني من الخروج فيه. قال: وكانت أم عمران امرأة عاقلة لبيبة جزلة من النساء، ولم يكن بالعراق امرأة هي أكرم على الحجاج منها لشرفها في قومها. قال: فركبت إلى الحجاج فكلمته في ابنها عبد الرحمن بن محمد، فقال الحجاج: يا أم عمران! إني ما كنت أحب أن أرخص لاحد من الناس في التأخر عن هذا البعث إلا أن يكون مشغولا بعمل من أعمال أمير المؤمنين، وما لحاجتك من مدفع وقد أعفيناه من ذلك البعث على أن يكون في أعوان أبي مسلم (2) حتى خليفته.
قال فقالت أم عمران: أيها الأمير! اجعله حيث شئت بعد أن تعفيه من السفر، قال الحجاج: فإنا قد أعفيناه يا أم عمران. قال: وانصرفت أم عمران إلى منزلها، وصار عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث إلى أبي مسلم خليفة (3) الحجاج. قال:
وكان أبو مسلم هذا رجلا فهما عاقلا لبيبا عالما بالسنن والفرائض، وكان إذا أصبح واجتمع إليه الناس يقول لهم: لا تتكلموا واذكروا الله، ثم يبدأ هو بالكلام فيتكلم،