اللخمي. قال: وابن الأشعث يومئذ عليل وهو مع ذلك مثقل بالحديد فلم يصل إلى عمارة بن تميم حتى مات في بعض الطريق، فاحتز القوم رأسه وحملوه إلى عمارة، وأقبلوا بولده وأخيه ومن معه إلى عمارة.
قال: وكتب الحجاج إلى عمارة أن اضرب أعناقهم هنالك وابعث إلي برؤوسهم. قال: فقدمهم ابن تميم فضرب أعناقهم بأجمعهم هنالك، وبعث برؤوسهم إلى الحجاج، فوضعت بين يديه وأدخلت إليه مليكة بنت يزيد امرأة ابن الأشعث، فلما نظر إليها الحجاج قال: يا مليكة! أملكنا أمثل أم ملك الترك؟
فقالت: أبا محمد! إن لم تكن فحاشا فاحذر الجواب! قال الحجاج: قد فعلت ولم أرد بهذا شيئا مما تظنين، وليس لك ذنب تعاقبين عليه يا مليكة! ثم جهزها الحجاج بجهاز حسن وألحقها بأهلها. ثم وجه برأس ابن الأشعث ورأس أخيه القاسم ورؤوس أصحابه إلى عبد الملك بن مروان، فلما وضعت بين يديه خر ساجدا، ثم رفع رأسه فقال: الحمد لله على حسن البلاء وتظاهر النعماء! ثم أمر برؤوسهم فطيف بها في أجناد أهل الشام وأهل مصر، ثم بعث بها بعد ذلك إلى بئر برهرت - برهوت حضرموت فألقيت هنالك - انقضى أمر عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث.
ذكر مقتل سعيد بن جبير رحمه الله (1) ثم دعا الحجاج برجلين من عتاة أصحابه: أحدهما إسماعيل بن الأوسط، والاخر المتلمس بن الأحوص، وهما جميعا من ثقيف، فضم إليهما نفرا من ثقات أصحابه، ثم قال: اطلبا لي الان سعيد بن جبير، فأتياني به من حيث ما كان، فإنه لم يكن فيمن خرج علي مع ابن الأشعث أشد منه! فخرج القوم في طلبه فجعلوا يسألون عنه وعن موضعه، فلا يرشدهم إليه أحد. قال: فبينما هم كذلك إذ مروا براهب في صومعة فوقفوا عليه فسألوه عنه، فقال الراهب: أما سعيد بن جبير فإني لا أعرفه، ولكني رأيت رجلا مر بي من عشية أمس عليه جبة من صوف وكساء، فتوضأ