فقال: أيها الأمير! ههنا سر بيني وبينك! قال: فتنحى معه ناحية ثم قال: هات ما عندك، فقال: إن أردت السغد يوما من الدهر فاليوم، فإنه ما بينك وبينه إلا مسيرة عشرة أيام، قال فقال قتيبة: هل أشار عليك بهذا أحد * قال: لا، [قال: فأعلمته أحدا؟ قال: لا، قال:] (1) فوالله لئن تكلم بهذا غيرك من الناس لأضربن عنقك.
قال: ثم دعا قتيبة بأخيه عبد الرحمن بن مسلم فقال له: قدم الأثقال إلى مرو، فنادى عبد الرحمن بالرحيل إلى مرو، فارتحل الناس ومضت الأثقال بين يديه وتبعها الناس يريدون إلى مرو، حتى إذا أمسى عبد الرحمن بن مسلم وهو في المسير أتاه كتاب أخيه قتيبة بن مسلم أن انظر إذا أصبحت فوجه الأثقال إلى مرو وسر أنت في الخيل والرجال إلى السغد، واكتم ذلك فإني من ورائك بالأثر إن شاء الله تعالى.
قال: فأمر عبد الرحمن بن مسلم بالأثقال فمضت إلى مرو، وانصرف هو في الخيل والرجال نحو سمرقند، وقام قتيبة في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، وقال (2):
أيها الناس! إنه الله عز وجل قد فتح عليكم من البلاد ما علمتم، وأنا أرجو أن يكون سبي سمرقند كسبي بني قريظة والنضير، فأبشروا ثم أبشروا - والسلام -.
ذكر كتاب الحجاج إلى قتيبة قال: وإذا كتاب الحجاج قد ورد على قتيبة: أما بعد فإني لست بآئس إذ فتح الله علينا وعليك خوارزم وأغنمنا أموالها وخزائنها وغنائمها أن يفتح الله عليك وعلينا ما بعدها، وقد بلغني أنك تريد المسير إلى سمرقند وأنا أنشدك أن غزوت بالمسلمين، وأنا أسأل الله أن يعز نصرك، وأن يحسن عاقبتك، وأن يمدك بالملائكة المردفين، وأن يرعب قلوب أهل سمرقند، وأن يخالف بين كلمتهم، وأن يلقي بأسهم بينهم، وأن يورثنا أرضهم وديارهم وأموالهم، وأن يجعل دائرة السوء عليهم، إنه على كل شيء قدير - والسلام عليك ورحمة الله وبركاته -.
قال: فلما ورد كتاب الحجاج على قتيبة نادى في الناس فجمعهم وأقرأهم الكتاب، ثم ندبهم للمسير إلى سمرقند فخف معه الصغير والكبير من جميع مدائن خراسان، خرج معه السوقة بالعصي والمقاليع فضلا عن غيره. قال: فسار بهم قتيبة حتى قطع البلاد ثم سار إلى سمرقند فنزل عليها.