ذلك أبياتا مطلعها (1):
أبى الله أن يتمم نوره * ويخمد نار الفاسقين فتخمدا (2) إلى آخرها.
قال: وبلغ هذا الشعر الحجاج بن يوسف فتبسم له ثم قال: (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم)، والله لئن ظفرت به لأضربن عنقه. قال: وبلغ هذا الشعر ابن الأشعث فقال: مدق والله أعشى همدان! لقد ونينا وعجزنا، يا غلام!
احمل إليه مائة دينار.
ثم جمع ابن الأشعث عساكره وسار بهم يريد البصرة، وبلغ ذلك الحجاج والحجاج يومئذ مقيم بالمدائن، فسار نحو ابن الأشعث أيضا يريد بالبصرة، فأخذ على شاطئ الدجلة حتى انتهى إلى موضع يقال له المفتح (3)، وبلغ ذلك ابن الأشعث فصار إليه حتى وافاه بالمفتح.
ذكر وقعة القوم بالمفتح قال: ودنا القوم بعضهم من بعض فاقتتلوا قتالا شديدا. قال الهيثم: فذكر عوانة أنهم اقتتلوا بالمفتح عشرين (4) يوما، كل ذلك على الحجاج حتى قتل من أصحابه مقتلة عظيمة وهم أن ينهزم، فلما رأى ذلك بعث إلى الكوفة فجاءته الجيوش في أربعين ألفا، فلما رأى أصحاب ابن الأشعث ذلك كأنهم جزعوا من تلك العساكر ثم اقتتلوا، فصارت الدائرة على أصحاب ابن الأشعث، فقتل منهم في يوم واحد في معركة واحدة نيف على ثلاثة آلاف، وأسر منهم خلق كثير. فقال الحجاج: هذا فتح الفتوح.