وقد كتبت إليه (أيها الأمير! إن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فلا تكثر علي من رسلك فأنا أعلم بحرب القوم منك)، فزعم أنه هو الشاهد وأني الغائب، ولكن أقيموا إذ قدمتم الان حتى تعاينوا حرب الأزارقة، فوالله لا لقيتهم اليوم إلا بما لقيتهم أمس. قال: ثم نادى المهلب في أصحابه فركبوا، ونادى قطري بن الفجاءة في الأزارقة فركبوا، ودنا القوم بعضهم من بعض، وتقدم عشرة من أبطال الأزارقة ورؤسائهم وساداتهم حتى وقفوا أمام الخيل، منهم قطري بن الفجاءة المازني وهو صاحبهم وأميرهم، وعبيدة بن الهلال اليشكري، وعمرو القنا العنبري، وصالح بن مخراق العبقسي، وعطية بن الأسود الحنفي، وشوذب بن عامر العامري، وحيطان الايادي (1)، وعنترة المرادي (2)، وعبد ربه الصغير. قال: ونظر المهلب إلى ذلك فدعا ببنيه وهم يومئذ عشرة، كل وأحد يعد بألف: المغيرة ويزيد وحبيب وقبيصة ومدرك والمفضل ومحمد وحماد (3) وعبد الملك ومروان، قال: فأمر المهلب لكل واحد أن يخرج إلى رئيس من رؤساء الأزارقة.
قال: فخرج يزيد وبين يديه رجل من الأزد وهو يرتجز ويقول أبياتا:
قل للشراة جاءكم يزيد * ذاك الذي لجمعكم مبيد ذاك الذي دماركم يريد * ذاك الذي قتاله شديد ذاك الذي ساعده حديد * من كل أمر شركم بعيد وعنده من قتلكم مزيد قال: ثم تقدم حبيب بن المهلب وبين يديه رجل من الأزد وهو يرتجز ويقول قل للشراة ذهب الزبيب * إذ جاءكم في ظله حبيب ذاك الحروب السيد المهيب * ذاك الذي بسيفه يصيب من كل أمر ساءكم قريب قال: ثم تقدم المفضل وبين يديه رجل من الأزد وهو يرتجز ويقول:
قل للشراة جاءكم مفضل * مودد مسود مبجل سنانه من طعنه تشلشل