قل للمحلين أتاكم صالح * وصالح في الحرب كبش ناطح وصالح في الغيل ليث كالح * وصالح ظفر وناب جارح يهوي به طرف سريع سالح * في كفه عضب حسام لائح ثم حمل على خيل المهلب، وحمل عليه المغيرة بذلك السيف فضربه ضربة على بيضته فقدها حتى أسرع السيف إلى رأسه وسقط صالح بن مخراق عن فرسه، فحماه أصحابه وهو لما به، ثم حمل المغيرة على جميع الأزارقة وكان لا يضرب منهم بسيفه أحدا إلا جندله صريعا. قال: فلم يزل كذلك حتى انكشفوا من بين يديه، ثم رجع المغيرة إلى أبيه والسيف بيده خضيبا بالدماء. قال فقال المهلب:
أحسنت يا بني! لقد أخذته بحقه (1)، وأنا كاتب إلى الحجاج بما صنعت في هذا اليوم، فأنشأ المغيرة بن حبناء التميمي يقول في ذلك أبياتا مطلعها:
قل للمهلب قد وقيت نفوسنا * ببنيك فعلة تبع ذي التاج إلى آخرها.
ذكر اختلاف الخوارج وتشتيت أمرهم قال: ووقع الخلاف بين الأزارقة فاختلفوا فصاروا على ثلاث فرق: فرقة مع صاحبهم قطري بن الفجاءة، وفرقة مع عبد ربه الكبير، وفرقة مع عبد ربه الصغير.
قال: وتشتت أمورهم واختلفت كلمتهم، فأنشأ رجل منهم يقول في ذلك أبياتا مطلعها:
كفى حزنا أن الخوارج أصبحوا * قد انشتت نياتهم فتصدعوا (2) إلى آخرها.
قال: وبلغ المهلب ما هم فيه من التشتيت والاختلاف، فقال لأصحابه:
أبشروا! فهذا الذي كنت أرجو من هؤلاء الخوارج، وقد أذن الله في هلاكهم وبوارهم.
ثم وثب رجل منهم يقال له الصلت بن مرة الايادي إلى قطري بن الفجاءة