والموت بعد الألف أشفى للقرم * مع الذي أرجوه من باري النسم أرجو جنانا حققت كل النعم * مع فتية كانوا لعمري كالبهم في مجمع الحرب إذا الحرب اضطرم * خوفا من الله العزيز ذي النقم قال: فلم يزل الأنصاري يقاتلهم وحده ويدفعهم عن ذلك حتى دخل إليه إخوته الثلاثة، فأعانوا ودفعوا الروم عن ذلك النقب، ثم إنهم كبروا وصاحوا بأصحاب مسلمة، فدخل الناس من ذلك النقب وفتحوا باب الحصن، والأنصاري ينزف الدم من رجليه حتى مات - رحمه الله! وقتل إخوته الثلاثة الذين كانوا معه - رحمة الله عليهم أجمعين -!
قال: واشتغل المسلمون بالغنائم وجمعها، فجمعوا شيئا كثيرا وخيلا وبغالا وحميرا وذهبا وفضة وأثاثا فاخرة. قال: فجمع مسلمة هذه الغنائم، فأخرج منها الخمس وقسم باقي ذلك على المسلمين، ثم وجه بالخمس إلى أبيه عبد الملك بن وكتب إليه يخبره بما فتح الله على يديه من حصن طوانة، فأنشأ أعشى تغلب يقول أبياتا مطلعها:
خير لمسلمة البنان فإنه * فضلت أنامله الأكف وطالها إلى آخرها.
ذكر مسير مسلمة بن عبد الملك إلى عمورية (1) بعد فتح طوانة قال: ثم نادى مسلمة في أصحابه بالسير إلى عمورية، وبلغ شمعون صاحب عمورية بأن العرب قد سارت إلى ما قبله، فجمع من كان حوله من القرى والحصون الصغار فأدخلهم عمورية، ثم دعا بطريقا من بطارقته يقال له ورسيب، فضم إليه أربعة صلبان. تحت كل صليب عشرة آلاف، وأمره أن يكون على مقدمته. قال:
فسار ورسيب في أربعين ألفا على مقدمة شمعون. وأقبل شمعون من ورائه في ثمانين ألفا. وبلغ ذلك مسلمة بن عبد الملك فعبى أصحابه، ثم دعا بالبطال بن عمرو، فأمره أن يتقدم بين يديه، قال: فسار البطال في المقدمة ومعه عشرة آلاف من المسلمين لا يرى منهم إلا الحدق، حتى إذا أشرف على عمورية إذا ورسيب قد