أتشهد يوم الدار ببدنك وتبعث اليوم بابنك بديلا! هل بعثت بديلا يوم الدار!
أما والله إن في قتلك صلاحا لأهل المصرين! يا غلام اضرب عنقه! قال: فتنحى الشيخ من بين يدي الحجاج فضرب عنقه فإذا رأسه يتدهده، قال: وسمع الحجاج ضجة بالباب فقال: ما هذا الضجيج؟ فقيل له: أصلح الله الأمير هؤلاء بنو عم هذا المقتول، فقال: ألقوا إليهم رأسه، فألقي إليهم الرأس، فلما نظروا إليه ولوا هاربين على وجوههم حتى دخلوا منازلهم. قال: وجعل يتمثل بقول سويد بن أبي كاهل:
كيف يرجون سقاطي بعد ما * جلل الرأس مشيب وصلع ساء ما ظنوا وقد أبليتهم * عند غايات المنى كيف أقع رب من أنضجت غيظا صدره * قد تمنى لي موتا لم يطع ويراني كالشجا في حلقه * عسرا مخرجه ما ينتزع ويحييني إذا لاقيته * وإذا يخلو له لحمي رتع قال: وأقبل ابن الزبير الأسدي عند باب الحجاج فزعا مذعورا، فلقيه ابن عم له يقال له إبراهيم (1) فقال: ما وراءك يا بن الزبير؟ فقال: ورائي وا لله كل بلية، فقال: وما ذاك؟ قال: قتل عمير بن ضابئ صبرا فالنجاة النجاة! ثم أنشأ يقول:
أقول لإبراهيم لما لقيته * أرى الامر أمسى واهنا (2) متشعبا تخير فإما أن تزور ابن ضابئ * عميرا وإما أن تزور المهلبا (3) هما خطتا سوء (4) نجاؤك منهما * ركوبك حوليا من الثلج أشهبا (5) وإلا فما الحجاج غامد سيفه * يد الدهر حتى يترك الطفل أشيبا