أحدا أنك متوجه إلى خراسان، ولكن ألق الخبر إلى الناس أنك على عمل الماهين، فإذا علمت أن يزيد بن المهلب قد توجه إلى ما قبلي فسر أنت إلى خراسان وخذ المفضل بن المهلب ومن قدرت عليه من آل المهلب واحملهم إلي، وانزل خراسان فجاهد الكفار الذين بها من الترك والسغد والرقس (1)، وكن بها إلى أن يأتيك أمري إن شاء الله ولا قوة إلا بالله. قال: فخرج قتيبة بن مسلم حتى نزل همدان، ورحل يزيد بن المهلب من الري فصار إلى همدان وبها قتيبة بن مسلم، [فخرج] من همدان حتى وافى الري، وصار يزيد بن المهلب إلى حلوان ونزل الموت بعبد الملك بن مروان.
ذكر موت عبد الملك بن مروان ووصيته عند موته إلى أولاده قال: فلما نزل الموت بعبد الملك بن مروان دعا بأولاده وجلسائه فأجلسهم بين يديه ثم قال: يا بني! أوصيكم بتقوى الله، فإن التقوى أزين حلية وأحسن حلة (2)، ليعطف الكبير منكم على الصغير، وليعرف الصغير منكم حق الكبير، وإياكم والاختلاف والفرقة! فإن بهما هلك الملوك الماضين وذوي (3) العز المتكبرين، وانظروا ابني مسلمة حفظه الله إذا قدم من أرض الروم، فاعرفوا له حق الجهاد في سبيل الله، وكذلك فاعرفوا لأخي محمد بن مروان حقه وسنه، وأكرموا الحجاج بن يوسف فإنه وطأ لكم البلاد، وأذل لكم العباد، وعقد لكم القناطر، وداس لكم رقاب العرب، وكفاكم المؤن وشدة الفتن، وانظروا يا بني أن تكونوا بني أم برة، لا تدب العقارب بينكم، وكونوا في الحرب أعوانا وعلى المعروف إخوانا، وضعوا ذخائركم عند ذوي الميراث منكم، فإنها أصون لأحسابكم، واشكروا لما يسدى إليكم، وكونوا ذوي حلاوة في مرارة، ولين في شدة، ألا! وإني قد استخلفت عليكم ابني الوليد من بعدي، فاسمعوا وأطيعوا، وإذا هلك فابني