يزيد بن عبد الملك ويزيد بن المهلب (1). فلما مرض عمر بن عبد العزيز اتقى يزيد بن المهلب على نفسه، فأرسل إلى مواليه الذين كانوا معه بالشام وأمرهم أن يعدوا إبلا ليهرب عليها، ثم إنه صانع الحرسي بألف دينار وخرج ذات ليلة من الدار التي هو محبوس فيها، ثم أقبل إلى الموضع الذي قد أعدت له فيه الإبل، فركب وركب معه مواليه، ومضى هاربا على وجهه حتى صار على مراحل من الشام، وتقارب من العراق.
ثم كتب إلى عمر بن عبد العزيز (2): أما بعد يا أمير المؤمنين فوالله إن لو علمت أنك تبقى حيا ما برحت من محبسي الذي حبستني فيه أبدا حتى تكون أنت الذي تخرجني، والتي رأيتك عليلا فعلمت أنك إن مت لم آمن يزيد بن عبد الملك على نفسي لما قد علمت ما كان بيني وبينه فلا تظن بي غير ذلك - والسلام -.
قال فقال عمر بن عبد العزيز: اللهم إن كان يزيد بن المهلب يريد بهذه الأمة شرا فاكفهم شره (3)، إنك على كل شيء قدير، وذلك عليك يسير.
ذكر وفاة عمر بن عبد العزيز قال: وحضرت عمر الوفاة فدعا بابنه محمد فأقعده بين يديه فأوصى إلى بوصيته وعهد إليه عهده، ثم قال: يا بني! اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: إن الامام إذا كان عادلا في رعيته ثم مات وألحد في قبره يترك على ما ألحد في قبره، وإذا كان ظالما غشوما قلب على شماله. فانظروا إذا أنا مت فضعوني في لحدي وسرجوا علي اللبن وذروني ساعة، ثم ارفعوا اللبنة التي على رأسي، فانظروا فإن كنت على حالتي التي وضعت عليها فالحمد لله رب العالمين، وإن رأيتموني قد انقلبت على شمالي فإنا لله وإنا إليه راجعون! قال: ثم مات عمر بن عبد العزيز. وكانت خلافته سنتين وستة أشهر ويومين، وتوفي بموضع يقال له دير سمعان يوم الاحد لست ليال خلون من