ثم دعا البطال بن عمرو فقال له: مر الناس بالعبور، قال: فنادى البطال بن عمرو في الناس بالرحيل، فرحل الناس وقعدوا في المراكب وساروا في خليج البحر، وتخلف مسلمة في ثلاثمائة فارس من نجباء عسكره حتى إذا علم أن المراكب في لجج البحر أقبل إلى باب المدينة، ثم وقف عليه وأرسل إلى إليون ملك الروم فدعاه، فأقبل إليون مسرعا إلى مسلمة، فلما نظر إليه نزل عن دابته ثم دنا فقبل يده فقال: أيها الأمير! ائذن لي في تشييعك، فأبى عليه مسلمة وأمره بالرجوع، فرجع إليون إلى مدينته، ومضى مسلمة في هؤلاء الثلاثمائة حتى صار إلى الخليج، فركب في مركب أعد له، فعبر وعبر من كان معه حتى لحق بأصحابه. قال: وأقام مسلمة على شاطئ الخليج ستة أيام، ثم رحل ورحل الناس عنها. قال: وأمر إليون بخراب مدينة القهر فخربت عن آخرها إلا مسجدها فإنه لم يمس.
قال: وسار مسلمة في المسلمين حتى صار إلى المسيحية (1)، فلما نزلها وقع الوباء في المسلمين، فمات منهم خلق كثير من الرجال والنساء والصبيان. قال:
وهم أهل المسيحية بالوثوب على المسلمين لما رأوا من ضعفهم، قال: وبلغ ذلك مسلمة فنادى في أصحابه أن ضعوا فيهم السيف، فقتل جماعة من أهل المسيحية ثم أمر بخرابها، فخربت عن آخرها ووضع سورها بالأرض. قال: ثم سار مسلمة إلى النقفورية (2) فنزلها وأدركه الشتاء، فأقام بها ستة أشهر.
وتوفي سليمان بن عبد الملك، وكان ملكه سنتين وثمانية أشهر (3)، وتوفي بموضع يقال له مرج دابق في يوم الجمعة لثلاث ليال بقين من المحرم سنة تسع وتسعين (4)، وهو يومئذ ابن خمس وأربعين سنة (5)، وصار الامر إلى عمر بن العزيز.
خلافة عمر بن عبد العزيز (6) قال: وكان يزيد بن المهلب يومئذ مقيما بجرجان، فلما بلغه موت سليمان