وثب ولم يحب أن يسمعها، فقال من حضر: أيها الأمير! إنه أهديت إليه جارية حسناء وعنده قوم من بني عمه فأراد أن يدفعها إلى رجل منهم ثم قال: إن هذا لقبيح أن أدفعها لرجل وأترك الباقين! وكانوا ثمانين إنسانا فأمر لكل واحد منهم بجارية ووصيف، وله مثل ذلك كثير في الناس أيها الأمير! قال: فقال قتيبة: ردوه، فلما ردوه إلى قتيبة أمر به فقيد، ثم حمله على البريد ووجه به إلى الحجاج وكتب إليه:
أيها الأمير! اكفني عثمان بن مسعود أضبط لك خراسان إن شاء الله ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال: وأدخل عثمان بن مسعود على الحجاج فنظر إلى رجل بهي جميل تام من الرجال، فتأمله الحجاج ساعة ثم أمر به فقيد بقيد ثقيل، ثم دعا به بعد ذلك بأيام فدخل على الحجاج وهو يحجل في قيده وذلك كأن ليس في رجله شيء، فقال له الحجاج: ارتفع! قال: فطفر [ابن] مسعود طفرة بقيده فاستوى مع الحجاج على سريره، فقال الحجاج: ما كنت أظن أن أحدا يقدر هذا، فقال عثمان: أيها الأمير! إن السلاح أثقل من هذا القيد وأنا أثب على الفرس ومعي سلاحي، فقال الحجاج: إني لم آمرك أن ترتفع معي على سريري، إنما أمرتك أن ترتفع في المجلس، ثم أمر به الحجاج إلى السجن ثانية وأمر أن يزاد في حديد. قال: ثم جعل يستأديه (1) حتى أخذ منه مالا عظيما، ثم لا يدري ما فعل به الحجاج بعد ذلك - والله أعلم -.
ذكر مغازي قتيبة بن مسلم بخراسان قال: وعزم قتيبة على الغزو، فقام في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال (2): أيها الناس! إن الله عز وجل وإنما أحلكم هذا المحل ليعزبكم دينه ولتذبوا عن حرمات المسلمين، وقد أمركم بالصبر ووعدكم النصر، ووعد المجاهدين منكم في سبيله أفضل الثواب وأعظم الذخر، فتنجزوا موعد (3) ربكم ووطنوا أنفسكم على مضض الألم، وإياكم والهوينا والفشل - والسلام -. قال: فاستخلف على مدينة مرو (4) وخرج يريد بخارستان، حتى إذا صار بالطالقان (5) أقبل إليه دهاقين بلخ فعبروا