فأخذ على فجور فأتي به ابن الأشعث فأقام عليه الحد. فلما كان ذلك اليوم وقال ابن الأشعث ما قال وخلع الحجاج وعبد الملك بن مروان هرب مصقلة بن رقبة هذا وهرب معه ثلاثة نفر، منهم: غدافر بن يزيد التيمي ولاوي بن شفيق بن ثور السدوسي وقتادة بن قيس الكندي، فهربوا حتى لحقوا بالحجاج فأخبروه بذلك. قال: وبلغ المهلب بن أبي صفرة ما قد عزم عليه، فكتب إليه من مدينة مرو.
ذكر كتاب المهلب بن أبي صفرة إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث (1) أما بعد يا بن الأخ! فإنك قد وضعت رجلك في ركاب (2) طويل الغي لامة محمد صلى الله عليه وسلم، فأنشدك بالله يا بن الأخ ألا تداركت هذا في نفسك، أتترك المشركين وتقاتل المسلمين؟ لا تفعل يا بن الأخ! واذكر بلاء الحجاج عندك! إنه جمع لك أهل المصرين جميعا: البصرة والكوفة، ثم إنك تريد أن تنقص ثغورهم وتضرب بعضهم ببعض، مهلا يا بن الأخ! واحذر العار في العاجلة والنار في الآجلة - والسلام -.
قال: وتواترت الاخبار إلى الحجاج بما قد عزم عليه ابن الأشعث فقال: أما إن إخوته قد نصحوني فلم أقبل ذلك منهم.
قال: وعزم ابن الأشعث على المسير إلى العراق لمحاربة الحجاج، ثم دعا عبد الله بن عامر التميمي (3) فاستخلفه على سجستان وأمره بمداراة رتبيل ملك الداور (4)، ثم جعل يجمع الناس ويعطيهم ويعدهم ويمنيهم، فقال له أعشى همدان: أيها الأمير! أما لنا منك نصيب؟ فقال له ابن الأشعث: ثكلتك أمك أبا المصبح! إن هذه أيام مداراة، ولكن أمهلني إلى أن يثني لي الوسادة ونظفر ببعض ما نريد، ثم انظر بعد ذلك (هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا) (5).