فحباه الاله بالنصر لما * أن رماهم بالنفط والنيران ثم أمر يزيد بقتلى جرجان وقتلى القلعة فنصب لهم الخشب من باب جرجان إلى فرسخين منها فصلبهم عليها ميمنة وميسرة على طريق طبرستان، ثم جمع الأموال فأخرج منها الخمس وقسم باقي ذلك في المسلمين فأغناهم بغنائم لم يروا مثلها، فأنشأ كعب بن معدان الأشقري (1) يقول أبياتا مطلعها:
يهب الحصون بأهلها لصديقه * وجياد كل مقلص سباح إلى آخرها.
ذكر كتاب يزيد بن المهلب إلى سليمان بن عبد الملك بن مروان قال (2): ثم كتب يزيد بن المهلب إلى سليمان بن عبد الملك: أما بعد، يا أمير المؤمنين! فإن الله عز وجل قد فتح الله فتوحا لم يفتحها على خليفة من خلفاء المسلمين من قبلك من أهل خراسان إلى جرجان ودهستان وطبرستان، وقد أعيى ذلك الفاروق وعثمان ومن بعدهما من الخلفاء، حتى فتح الله ذلك كرامة لأمير المؤمنين وزيادة في نعم الله عليه، وقد صار في يدي مما أفاء الله على المسلمين بعد أن صار إلى كل ذي حق حقه من الفيء والغنيمة عشرون ألفا ألف درهم (3)، وأنا باعث بهذه الأموال التي أفاء الله بها إلى أمير المؤمنين إن شاء الله - والسلام -.
قال فقال له كاتبه المغيرة بن أبي قرة (4) مولى بني سدوس: أصلح الله الأمير!
لا يتقدم هذا الكتاب إلى أمير المؤمنين، فإنك لا تدري ما يكون من الحدثان من اليوم إلى الغد ولكن احبس هذا الكتاب يكون عندك، واكتب إلى أمير المؤمنين بالفتح وسله أن يأذن لك بالشخوص إليه، تلقاه وتشافهه بما يريد، فذلك الرأي، فأبى يزيد ذلك ووجه بالكتاب. فلما قرأ سليمان بن عبد الملك بن مروان ذلك سره سرورا شديدا (5).