قال: ثم ركب حيان وصار إلى الأصبهبذ، فأذن له ثم أدناه وأجلسه، فقال له حيان: أيها الأصبهبذ! إني وإن كنت على دين الاسلام فالأصل مني ومنك واحد، وأنا ناصح لك وقد كنت أصلحت بين العرب والترك ومن كان من وراء النهر، وأنصحهم فيقبلون نصحي فلا تقترن بما نلت من المسلمين من الهزيمة في وفيك هذا فإنك لا تطيق حرب أمير المؤمنين، وقد أرسل يزيد يستمد بالجيوش ولست آمن أن يأتيه من المدد ما لا تقوم له ومن الامر ما لا تطيقه، ويزيد بن المهلب في وقته هذا سريع إلى الصلح فإن قوي أمره لم يرض منك بالصلح، والرأي عندي أن تصالحه ينصرف عنك إلى جرجان فيكون حربه وسطوته عليهم لغدرهم وقتلهم لأصحابه. قال فقال له الأصبهبذ: ويحك يا حيان! إنه قد بلغني عن يزيد بن المهلب إنه قد أساء إليك بخراسان واستصفى مالك والآن فإني أراك قد صرت له رسولا، فكيف هذا؟
قال فقال له حيان: صدقت أيها الأصبهبذ قد كان منه إلى ما ذكرت وليس يمنعني ذلك من النصيحة لك وله، ومع ذلك فإن عجزت عن الصلح لما يريد أن يعطيه أعنتك بما تريد من المال، فلم يزل حيان كذلك حتى خدع الأصبهبذ، فاتفق الصلح بينه وبين يزيد بن المهلب على ألفي ألف درهم وأربعمائة وقر زعفران أو قيمة ذلك (1) وأربعمائة غلام على رأس كل غلام جام فضة وعلى كل جام طيلسان وشقة حرير وخاتم فضة أو ذهب، وعلى أن يدفع إليه خمسمائة رجل من الأتراك كانوا قتلوا ج ماعة من المسلمين ولجأوا إليه، وعلى أن يطلق له ثلاثمائة أسير قد كانوا في يده (2). قال:
فوقع الصلح على ذلك ولم يبرح حيان النبطي من عند الأصبهبذ حتى قبض ذلك كله وأتى به إلى يزيد بن المهلب. قال: ووصل الأصبهبذ حيان بثلاثمائة ألف درهم وخلى لهم الطريق.
قال: فانصرف يزيد عن بلاد طبرستان سالما غانما بعد الإياس من نفسه وأصحابه، فقدم أولئك الأتراك الذين وجه بهم الأصبهبذ فضرب أعناقهم عن آخرهم صبرا، وسار يريد جرجان ذكر مسير يزيد إلى جرجان وما فعل بها وبأهلها قال: فسار يزيد بن المهلب إلى جرجان حنقا عليهم لما كن من غدرهم