واحتويت على أموالي ثم بعثت إلي تخطبني، أفما تخاف أن أعمل في قتلك فآخذ بثأري منك؟ قال: فعلم قتيبة أنها قد صدقت في قولها وأنصفت وحققت فلها عنها وتركها.
ذكر مسير قتيبة إلى بلاد سجستان ثم منها إلى بلخ قال: ثم جمع قتيبة أصحابه وسار بهم يريد سجستان، وبها يومئذ ملك يقال له رتبيل (1) في نيف عن سبعين ألفا من الكفار، فأقبل حتى نزل عليها، ثم أمر أصحابه بالغارة، فجعلوا يغيرون يمنة ويسرة على بلاد سجستان حتى ملأوا أيديهم من الغنائم. قال: وكره رتبيل ملك سجستان حرب قتيبة وعلم أنه لا يقوم له ولا لأصحابه، فأرسل إليه يسأله الصلح، فأجابه قتيبة إلى ذلك، ووقع الصلح بينهما على خمسمائة ألف درهم ومائتي رأس من الرقيق جوار وغلمان، فأخذ قتيبة منهم ذلك، فأخرج منه الخمس فوجه به إلى الحجاج، وقسم باقي ذلك في المسلمين.
ذكر مسير قتيبة إلى بلخ وما والاها من الكور قال: ثم نادى قتيبة في أصحابه بالرحيل وسار حتى نزل على بلخ، وبها يومئذ ملك يقال له الشاه بن نيزك في جمع عظيم، فلما بلغه نزول قتيبة بساحته خرج إليه، ووقع الحرب بين الفريقين فاقتتلوا، فقتل من المسلمين نيف على سبعمائة رجل، وقتل من الكفار بشر كثير، وأسر منهم ألف رجل أو يزيدون، فقدمهم قتيبة وضرب أعناقهم صبرا، ثم إنه جلس ودعا بالطعام وجعل يتغدى والقتلى بين يديه وهو لا يكترث لذلك. قال: ونظر أهل بلخ إل يذلك من قتيبة فاتقوا وخافوا على أنفسهم خوفا شديدا وطلبوا الصلح، فأجابهم قتيبة إلى ذلك، فوقع الصلح بين قتيبة وبين أهل بلخ على ثلاثمائة ألف درهم وثلاثمائة رأس من الرقيق، فأخذ قتيبة منهم ذلك وكتب لهم كتابا بالصلح، ثم أخرج من ذلك المال الخمس فوجه به إلى الحجاج، وقسم باقي ذلك في المسلمين، فأنشأ زياد الأعجم يقول في ذلك أبياتا مطلعها:
إن خير الولاة حر كريم يد * من كان قبله حين كيدا إلى آخرها.