منهم (1).
ثم قفل يريد مرو فإذا بطرخان (2) ملك السغد وكور مغانون (3) ملك الترك قد أقبلا في مائتي ألف يريدون قتاله. قال: وقد كان قتيبة في الجيش وخلف أخاه عبد الرحمن بن مسلم على الساقة، فلما نظر إلى جيش الكفار قد وافاه في ذلك الخلق العظيم أرسل إلى قتيبة فأعلمه بذلك، فرجع قتيبة إلى ورائه، والتقى القوم فاقتتلوا قتالا شديدا إلى الليل، ثم ناجزهم في اليوم الثاني فقاتلهم، فكانت الدائرة على الكفار، فقتل منهم مقتلة عظيمة وانهزموا، وتبعهم قتيبة والمسلمون فقتلوهم قتالا ذريعا، وغنم المسلمون غنائم كثيرة، ثم رجع قتيبة إلى مرو ثم كتب إلى الحجاج خبره بوقعته هذه وكيف رزق عليهم الظفر، فوجه إليه بالخمس - والله أعلم -:
ذكر مسير قتيبة بن مسلم إلى بخارى قال: ثم جمع قتيبة بن مسلم المسلمين وسار إلى بخارى، وبها يومئذ ملك عظيم الشأن يقال له معاينون بن راع (4) في نيف على أربعين ألفا، ونزل عليهم قتيبة بجيشه ودام الحرب أياما كثيرة لا يفترون من الحرب، حتى إذا عضهم السلاح ووجدوا ألم الجراح أرسلوا إلى قتيبة يسألونه الصلح على أنهم يعطونه مائتي ألف درهم ويعينونه بأنفسهم، فرضي قتيبة منهم بذلك، فأخذ منهما ما صالحهم عليه.
قال: وقد كان قتيبة أخذ منهم رجلا أعور أسيرا فكان شيطانا من شياطينهم، فقدمه ليضرب عنقه فقال: أيها الأمير! لا تقتلني وأنا أفدي نفسي بما قيمته ألف ألف درهم، قال قتيبة لأصحابه: ما ترون فيما يقول هذا الكافر؟ فقالوا: أيها الأمير!
هذا الذي قد بذله رغبة وزيادة في الغنيمة فخذ منه ما قد بذل ولا تقتله، فقال قتيبة:
لا والله لا تروه باسمه مسلمة أبدا! ثم قدمه فضرب عنقه.
قال: وخرج أهل بخارا إلى قتيبة فصاروا معه في عسكره، فأنشأ المغيرة بن حبناء التميمي يمدح قتيبة بن مسلم وهو يقول أبياتا مطلعها: