ذكر قدوم مخلد بن يزيد بن المهلب على عمر بن عبد العزيز من خراسان قال: وقدم مخلد بن يزيد بن المهلب من خراسان إلى عمر بن عبد العزيز، فلما دخل سلم عليه بالخلافة ووقف بين يديه، ثم قال: يا أمير المؤمنين! إن الله تبارك وتعالى قد صنع لهذه الأمة بولايتك عليها (1)، وليس يجب أن تكون أشقى الناس بها، فلماذا تحبس والدي ولا ذنب له؟ قال: أحبسه بالمال الذي احتازه من خراسان، وكتب به إلى سليمان بن عبد الملك بن مروان، قال فقال مخلد: يا أمير المؤمنين! فصالحني عنه بما أحببت، فقال عمر: لست أصالحك على شيء أبدا، ولا يخرج من محبسي أو يؤدي ما عليه! فقال مخلد: يا أمير المؤمنين! إن كان هاهنا بينة يشهدون عليه بهذا المال فخذه به، وإن لم تكن بينة فصدق مقالته واستحلفه (2)، فقال عمر: لا أحلفه ولا يخرج من محبسي أو يؤدي ما عليه! قال:
فسكت مخلد بن يزيد وخرج من عند عمر بن عبد العزيز، فالتفت عمر إلى جلسائه فقال: هذا عندي خير من أبيه.
ثم إن مخلد بن يزيد اعتل علة شديدة، فمكث فيها أياما عليلا، ثم مات بعد ذلك. وبلغ ذلك عمر بن عبد العزيز، فأرسل إلى يزيد بن المهلب أن أخرج من محبسك وافرغ من أمر ابنك، فإذا دفنته فارجع إلى محبسك. قال: فأرسل إليه يزيد إن رأيت أن تصلي عليه أنت يا أمير المؤمنين، فإني لا أخرج من هذا الحبس إلا وأنت راض عني. قال: فصار عمر بن عبد العزيز إلى مخلد بن يزيد وقد فرغ من جهازه وحمل على أعواد المنايا، فصلى عليه، فلما دفن التفت عمر إلى من كان معه فقال: لقد مات اليوم فتى من سادات الأزد.
ذكر ولاة خراسان وأرمينية قال: وبقيت خراسان بلا أمير، فدعا عمر بالجراح بن عبد الله الحكمي فعقد له عقدا وولاه بلاد خراسان، قال: فسار الجراح بن عبد الله حتى صار إلى خراسان ونزل مدينة مرو. ثم دعا عمر أيضا برجل يقال له عبد العزيز بن حاتم فعقد له عقدا