ذكر مسير قتيبة إلى خوارزم ثم سار قتيبة بجيشه حتى نزل على خوارزم، وبها يومئذ ملك يقال له جنغان (1) في أربعمائة ألف عنان من أصناف الكفار، وقال: ولجنغان أخ يقال خرزاد (2) قد غلبه على أمره فليس له معه أمر ولا نهي، وكان يحب أن يقدم قتيبة إلى البلد، فسكت حتى جاء قتيبة ونزل حذاء خوارزم، وكتب إليه جنغان يعلمه أنه قد بذل له مائة ألف رأس ومتاعا سماه له في كتابه على أن يدفع إليه أخاه ويملكه في بلاده، قال: فأرسل بكتابه إلى قتيبة سرا ولا يعلم به أحد من أهل خوارزم. قال: وبعث إليه بثلاثة (3) مفاتيح من الذهب. فقدم رسول جنغان على قتيبة وقد عزم على الحرب، فلما قرأ الكتاب أجابه إلى ما سأل، ثم إنه أظهر في عسكره أنه يريد السغد، ووقع الخبر بذلك بخوارزم، فقال خرزاد لأهل مملكته: إن قتيبة يريد السغد وقد أمنتم من حربه وأن يغزوكم في هذه السنة (4).
ثم نادى قتيبة بالرحيل نحو بلاد السغد قبل يومه ذلك، ثم رجع إلى بلاد خوارزم، فلم يشعر القوم إلا وقتيبة قد وافاهم، ففزعوا لذلك فزعا شديدا، ثم اجتمعوا إلى جنغان فقالوا: أيها الملك! ما عندك من الرأي؟ [قال]: ههنا لأخي خرزاد فصيروا إليه. قال: فاجتمع القوم إلى خرزاد فقالوا: إن هذا الرجل قد نزل بساحتنا يريد هلاكنا فهات ما عندك من الرأي، قال: فعلم خرزاد بأن أخاه قد كاتب قتيبة فهم بقتل أخيه، ثم خشي أن يقتله أهل البلد فلم يقتل أخاه، ثم نادى في الناس وخرج حتى نزل بموضع يقال له فنك (5)، ونزل قتيبة قريبا منه. قال:
وخوارزم يومئذ ثلاث مدائن يحيط لها مياه الفارقين. قال: ووقع الحرب بين الفريقين وسلم جنغان إلى قتيبة مدينتين من مدن خوارزم وصار معه في عسكره، وبقي خرزاد في المدينة الثالثة وطلب الأمان، ثم بعث إلى قتيبة: أنا أيها الأمير عبدك فاصطنعني واستبقني، فنعم العبد أنا لك! فقال قتيبة لرسوله: ارجع إليه فقل