كعب بن معدان الأشقري (1) في ذلك يقول أبياتا مطلعها:
ألا أيها الباغي قتيبة غيبة * أبى الله إلا أن يكون مؤيدا إلى آخرها (2).
قال فقال له قتيبة: أحسنت يا غلام! ادفع إلى الأشقري عشرة آلاف درهم.
قال: ثم دعا بالطعام، فأمر غوزك بن أخشيد بالموائد وقدمت، وعليها ألوان الأطعمة، فأكل قتيبة وإخوته وبنو عمه وقواده، حتى إذا فرغ القوم من من طعامهم وغسلوا أيديهم وثب قتيبة فصلى ركعتين، ثم دعا بكاتبه أن يكتب لغوزك بن أخشيد عهده الذي صالحه عليه.
ذكر العهد الذي كتب الغوزك بن أخشيد بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما صالح قتيبة بن مسلم بن عمرو الباهلي غوزك بن أخشيد أفشين السغد، إنه صالحه وشرط له بذلك عهد الله وميثاقه وذمته، وذمة رسوله محمد (صلى الله عليه وسلم وآله)، وذمة أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك بن مروان، وذمة الأمير الحجاج بن يوسف بن الحكم، وذمة المؤمنين، وذمة قتيبة بن مسلم، فصالحه عن سمرقند ورساتيقها كس ونسف أرضها ومزارعها وجميع حدودها على ألفي ألف درهم عاجلة، ومائتي ألف درهم في كل عام، وثلاثة آلاف رأس من الرقيق ليس فيهم صبي ولا شيخ على أن يسمعوا ويطيعوا لعبد الله الوليد بن عبد الملك بن مروان وللأمير الحجاج بن يوسف وللأمير قتيبة بن مسلم، وعلى أن يؤدي غوزك بن أخشيد أفشين السغد ما صالحه عليه قتيبة بن مسلم من مال ورقيق، فما أعطى من ذلك في جزية أرضه من السبي يحسب له كل رأس بمائتي درهم، وما كان من الثياب الكبار كل ثوب بمائة درهم والصغار بستين درهما، وما كان من حرير فكل شقة بثمانية وعشرين درهما، والذهب الأحمر كل مثقال بعشرين درهما، والفضة البيضاء مثقال بمثقال، وعلى قتيبة بن مسلم العهد والميثاق أنه لا يعمل على غوزك بن أخشيد أفشين السغد بشيء ولا يغدر به ولا يأخذ منه أكثر مما صالحه عليه، فإن خرج على غوزك بن أخشيد عدو من الأعداء فعلى قتيبة بن مسلم