غياث المظلوم وفراج الهموم، وقد فزعنا إليه في أمور ملمة مقطعة مهمة آتاها إلينا يزيد بن المهلب واجتر بها لدينا، لم يفعل ذلك بعز عشيرته ولا بشرف إمرته، ولكن بقسوة قلبه وجرأته على ربه، وبسلطان أمير المؤمنين الماضي سليمان بن عبد الملك، فأنصفنا منه أيها الأمير وأعدنا عليه، وإلا ركبت فيه إلى أمير المؤمنين عمر.
قال: ثم تقدم محمد بن مسلم الباهلي، فلما سلم هم أن يتكلم، فقال له عدي بن أرطأة: يا هذا أربع قليلا فإنكم قد تكلمتم فأكثرتم، فإن شئتم جمعت بينكم وبين صاحبكم حتى تسمعوا منه، فإن أحببتم أن يكون ذلك في خلوة، وإن أحببتم أن يكون ذلك علانية على رؤوس الاشهاد. قال: فأرسل عدي بن أرطأة إلى يزيد بن المهلب فدعا به من محبسه، فلما دخل وسلم أمره عدي بن أرطأة بالجلوس فجلس، ثم أقبل على القوم فقال: هذا صاحبكم الذي ذكرتموه وطلبتموه، فكلموه الان بما تريدون.
وهذا كلامهم ليزيد بن المهلب على رؤوس الاشهاد.
قال: فتكلم وكيع بن أبي سود فقال: الحمد لله الذي أذلك، وأوهن أمرك، وصغر قدرك، وقصر يدك، فنطقت فيك غ ير مقمع ولا مبكت، فالآن توعر ما استسهلت وتجازى بما استحللت، وتكافأ بما فعلت، فإنما فتحت خراسان فتح الخونة وقد كانت قبل ذلك مكنونة، ثم تشكو نعماي إليك، ولأحسن بلائي لديك، فاردد علي يا عدو نفسه ما لم تكسبه أنت ولا آباؤك من قبلك! وإلا ركبت فيك إلى أمير المؤمنين عمر - والسلام -.
قال: ثم تكلم هريم بن أبي طحمة (1) فقال: يا بن المهلب! الان حملت على ذنبك وقلة خوفك من ربك إذا زالت عنك إمارتك، وأوبقك جريرتك، وودعك سلطانك، وخذلك أعوانك، وأخذت بذنوبك، ورميت بعيوبك يا بن الرحمة شرة حرة وأمة، فاردد الان ما أخذت من أموالنا بغير حقها، وإلا ركبت فيك إلى أمير المؤمنين عمر.
ثم تكلم عمر بن يزيد فقال: يا بن المهلب! أخذت أموالنا وانتهكت محارمنا