ثم إن أهل الشام كثرونا وتعطفوا علينا من كل جانب ورأى سليمان بن صرد ما لقى أصحابه فنزل فنادى عباد الله من أراد البكور إلى ربه والتوبة من ذنبه والوفاء بعهده فإلى ثم كسر جفن سيفه ونزل معه ناس كثير فكثروا جفون سيوفهم ومشوا معه وانزوت خيلهم حتى اختطلت مع الرجال فقاتلوهم حتى نزلت الرجال تشتد مصلتة بالسيوف وقد كسروا الجفون فحمل الفرسان على الخيل ولا يثبتون فقاتلوهم وقتلوا من أهل الشام مقتلة عظيمة وجرحوا فيهم فأكثروا الجراح فلما رأى الحصين بن نمير صبر القوم وبأسهم بعث الرجال ترميهم بالنبل واكتفتهم الخيل و الرجال فقتل سليمان بن صرد رحمه الله رماه يزيد ابن الحصين بسهم فوقع ثم وثب ثم وقع قال فلما قتل سليمان بن صرد أخذ الراية المسيب بن نجبة وقال لسليمان بن صرد رحمك الله يا أخي فقد صدقت ووفيت بما عليك وبقى ما علينا ثم اخذ الراية فشد بها فقاتل ساعة ثم رجع ثم شد بها فقاتل ثم رجع ففعل ذلك مرارا يشد ثم يرجع ثم قتل رحمه الله.
(قال أبو مخنف) وحدثنا فروة بن لقيط عن مولى للمسيب بن نجبة الفزاري قال لقيته بالمدائن وهو مع شبيب بن يزيد الخارجي فجرى الحديث حتى ذكرنا أهل عين الوردة قال هشام عن أبي مخنف قال حدثنا هذا الشيخ عن المسيب بن نجبة قال والله ما رأيت أشجع منه انسانا قط ولا من العصابة التي كان فيهم ولقد رأيته يوم عين الوردة يقاتل قتالا شديدا ما ظننت أن رجلا واحدا يقدرا يبلى مثل ما أبلى ولا ينكأ في عدوه مثل ما نكأ لقد قتل رجالا قال وسمعته يقول قبل أن يقتل وهو يقاتلهم.