بعد الطواف لحقنا المختار فقال لابن صفوان ما الذي ذكرني به ابن الزبير قال قال فكتمه وقال لم يذكرك الا بخير قال بلى ورب هذه البنية ان كنت لمن شأنكما أما والله ليخطن في أثري أو لأقدنها عليه سعرا فأقام معه خمسة أشهر فلما رآه لا يستعمله جعل لا يقدم عليه أحد من الكوفة الا سأله عن حال الناس وهيئتهم.
(قال أبو مخنف) فحدثني عطية بن الحارث أبو روق الهمداني أن هاني بن أبي حية الوادعي قدم مكة يريد عمرة رمضان فسأله المختار عن حاله وحال الناس بالكوفة وهيئتهم فأخبره عنهم بصلاح واتساق على طاعة ابن الزبير الا أن طائفة من الناس إليهم عدد أهل مصر لو كان لهم رجل يجمعهم على رأيهم أكل بهم الأرض إلى يوم ما فقال له المختار أنا أبو إسحاق أنا والله لهم أنا أجمعهم على أمر الحق وأنفى بهم ركبان الباطل واقتل بهم كل جبار عنيد فقال له هاني بن أبي حية ويحك يا ابن أبي عبيد ان استطعت الا توضع في الضلال ليكن صاحبهم غيرك فان صاحب الفتنة أقرب شئ اجلا وأسوأ الناس عملا.
فقال له المختار اني لا ادعو إلى الفتنة انما أدعو إلى الهدى و الجماعة ثم وثب فخرج وركب رواحله فأقبل نحو الكوفة حتى إذا كان بالقرعاء لقيه سلمة بن مرثد أخو بنت مرثد القابضي من همدان وكان من أشجع العرب وكان ناسكا فلما التقيا تصافحا وتساءلا فخبره المختار خبر الحجاز.
ثم قال لسلمة بن مرثد حدثني عن الناس بالكوفة قال هم كغنم ضل راعيها فقال المختار بن أبي عبيد انا الذي أحسن رعايتها وأبلغ نهايتها