القصر فوجد باب القصر مغلقا، فأتى منزله فوضعه تحت أجانة في منزله وله امرأتان: امرأة من بني أسد، والأخرى من الحضرميين يقال له النوار ابنة مالك بن عقرب، وكانت تلك الليلة ليلة الحضرمية.
قال هشام: فحدثني أبي عن النوار بنت مالك قالت: أقبل خولي برأس الحسين فوضعه تحت إجانة في الدار ثم دخل البيت فأوى إلى فراشه فقلت له: ما الخبر ما عندك؟ قال: جئتك بغنى الدهر، هذا رأس الحسين معك في الدار، قالت: فقلت ويلك جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن رسول الله صلى الله عليه وآله، لا والله لا يجمع رأسي ورأسك بيت أبدا، قالت: فقمت من فراشي فخرجت إلى الدار، فدعا الأسدية فأدخلها إليه، وجلست انظر قالت فوالله ما زلت أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من السماء إلى الإجانة، ورامت طيرا بيضا ترفرف حولها، قال: فلما أصبح غدا بالرأس إلى عبيد الله بن زياد، وأقام عمر بن سعد يومه ذلك والغد، ثم أمر حميد بن بكير الأحمري، فأذن في الناس بالرحيل إلى الكوفة، وحمل معه بنات الحسين وأخواته ومن كان معه من الصبيان وعلي بن الحسين مريض.
قال أبو مخنف - فحدثني أبو زهير العبسي عن قرة بن قيس التميمي قال: نظرت إلى تلك النسوة لما مررت بحسين وأهله وولده صحن ولطمن وجوههن، قال: فاعترضتهن على فرس فما رأيت منظرا من نسوة قط كان أحسن من منظر رأيته منهن ذلك، والله لهن أحسن من مهى يبرين قال فما نسيت من الأشياء لا أنسى قول زينب ابنة فاطمة حين مرت بأخيها الحسين صريعا وهي تقول: