لبث ان جاء مستبشرا قد أسفر وجهه، قالت: فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه فقدم وحمل إلى الحسين، ثم قال لامرأته أنت طالق، الحقي بأهلك فاني لا أحب ان يصيبك من سببي الأخير ثم قال لأصحابه: من أحب منكم ان يتبعني والا فإنه آخر العهد، اني سأحدثكم حديثا غزونا بلنجر ففتح الله علينا وأصبنا غنائم، فقال لنا سلمان الباهلي: أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من المغانم؟ فقلنا نعم فقال لنا: إذا أدركتم شباب آل محمد فكونوا أشد فرحا بقتالكم معهم بما أصبتم من الغنائم فاما انا فاني استودعكم الله، قال: ثم والله ما زال في أول القوم حتى قتل.
قال أبو مخنف - حدثني أبو جناب الكلبي عن عدى بن حرملة الأسدي عن عبد الله بن سليم والمذري بن المشمعل الأسديين قالا: لما قضينا حجنا لم يكن لنا همة الا اللحاق بالحسين في الطريق لننظر ما يكون من أمره وشأنه، فأقبلنا ترفل بنا ناقتانا مسرعين حتى لحقناه بزرود فلما دنونا منه إذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين.
قالا: فوقف الحسين كأنه يريده ثم تركه ومضى ومضينا نحوه، فقال أحدنا لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا فلنسأله فان كان عنده خبر الكوفة علمناه، فمضينا حتى انتهينا إليه فقلنا: السلام عليك. قال: وعليكم السلام ورحمة الله. ثم قلنا: فمن الرجل؟ قال: أسدي. فقلنا: فنحن أسديان فمن أنت؟ قال انا بكير بن المثعبة، فانتسبنا له ثم قلنا: أخبرنا عن الناس وراءك قال: نعم لم اخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهاني