ثم دعا مسلم بن عقيل فسرحه مع قيس بن مسهر الصيداوي و عمارة بن عبيد السلولي وعبد الرحمان بن عبد الله بن الكدن الأرحبي فأمره بتقوى الله وكتمان امره واللطف، فان رأى الناس مجتمعين مستوثقين عجل إليه بذلك، فاقبل مسلم حتى أتى المدينة فصلى في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وودع من أحب من أهله.
ثم استأجر دليلين من قيس فأقبلا به فضلا الطريق وجارا وأصابهم عطش شديد، وقال الدليلان: هذا الطريق حتى ينتهي إلى الماء وقد كادوا ان يموتوا عطشا. فكتب مسلم بن عقيل مع قيس بن مسهر الصيداوي إلى حسين وذلك بالمضيق من بطن الخبيت.
اما بعد فاني أقبلت من المدينة معي دليلان لي فجارا عن الطريق وضلا واشتد علينا العطش فلم يلبثا ان ماتا واقبلنا حتى انتهينا إلى الماء فلم ننج الا بخشاشة أنفسنا وذلك الماء بمكان يدعى المضيق من بطن الخبيت وقد تطيرت من وجهي هذا فان رأيت أعفيتني منه وبعثت غيري والسلام.
فكتب إليه حسين: اما بعد فقد خشيت الا يكون حملك على الكتاب إلى في الاستعفاء من الوجه الذي وجهتك له الا الجبن، فامض لوجهك الذي وجهتك له والسلام عليك.
فقال مسلم لمن قرأ الكتاب: هذا ما لست أتخوفه على نفسي، فاقبل كما هو حتى مر بماء لطيئ فنزل بهم ثم ارتحل منه فإذا رجل يرمى الصيد فنظر إليه قد رمى ظبيا حين أشرف له فصرعه، فقال مسلم: يقتل عدونا إن شاء الله.