فإذا استحثوه قال: والله لقد استربت بكثرة الارسال وتتابع هذه الرجال فلا تعجلوني حتى أبعث إلى الأمير من يأتيني برأيه وأمره، فبعث إليه أخاه جعفر بن الزبير فقال: رحمك الله كف عن عبد الله فإنك قد أفزعته وذعرته بكثرة رسلك وهو آتيك غدا إن شاء الله، فمر رسلك فلينصرفوا عنا فبعث إليهم فانصرفوا.
وخرج ابن الزبير من تحت الليل فأخذ طريق الفرع هو وأخوه جعفر ليس معهما ثالث وتجنب الطريق الأعظم مخافة الطلب، وتوجه نحو مكة، فلما أصبح بعث إليه الوليد فوجده قد خرج، فقال مروان:
والله ان أخطاء مكة فسرح في اثره الرجال، فبعث راكبا من موالى بني أمية في ثمانين راكبا فطلبوه ولم يقدروا عليه فرجعوا فتشاغلوا عن حسين بطلب عبد الله يومهم ذلك حتى أمسوا.
ثم بعث الرجال إلى الحسين عند المساء، فقال: أصبحوا ثم ترون ونرى، فكفوا عنه تلك الليلة ولم يلحوا عليه.
فخرج حسيين من تحت ليلته وهي ليلة الاحد ليومين بقيا من رجب سنة 60 وكان مخرج ابن الزبير قبله بليلة خرج ليلة السبت فاخذ طريق الفرع فبينا عبد الله بن الزبير يساير أخاه جعفر إذا تمثل جعفر بقول صبرة الحنظلي:
وكل بني أم سيمسون ليلة * ولم يبق من أعقابهم غير واحد فقال عبد الله: سبحان الله ما أردت إلى ما اسمع يا أخي، قال والله يا أخي ما أردت به شيئا مما تكره، فقال: فذاك والله أكره إلى أن يكون جاء على لسانك من غير تعمد، قال: وكأنه تطير منه،