وأما عيسى بن يزيد الكناني فإنه قال فيما ذكر عمر بن شبة عن هارون بن مسلم عن علي بن صالح عنه، قال: لما جاء كتاب يزيد إلى عبيد الله بن زياد انتخب من أهل البصرة خمسمأة فيهم عبد الله بن الحارث بن نوفل، وشريك بن الأعور، وكان شيعة لعلي، فكان أول من سقط بالناس شريك، فيقال: انه تساقط غمرة ومعه ناس، ثم سقط عبد الله بن الحارث، وسقط معه ناس ورجوا أن يلوي عليهم عبيد الله ويسبقه الحسين إلى الكوفة، فجعل لا يلتفت إلى من سقط ويمضي حتى ورد القادسية وسقط مهران مولاه فقال أيا مهران على هذه الحال ان أمسكت عنك حتى تنظر إلى القصر فلك مأة الف قال لا والله ما أستطيع فنزل عبيد الله فأخرج ثيابا مقطعة من مقطعات اليمن، ثم اعتجر بمعجرة يمانية، فركب بغلته ثم انحدر راجلا وحده، فجعل يمر بالمحارس، فكلما نظروا إليه لم يشكوا انه الحسين فيقولون: مرحبا بك يا بن رسول الله، وجعل لا يكلمهم وخرج إليه الناس من دورهم و بيوتهم، وسمع بهم النعمان بن بشير فغلق عليه وعلى خاصته. وانتهى إليه عبيد الله وهو لا يشك انه الحسين ومعه الخلق يضجون.
فكلمه النعمان فقال: أنشدك الله الا تنحيت عني، ما أنا بمسلم إليك أمانتي ومالي في قتلك من أرب، فجعل لا يكلمه، ثم انه دنا وتدلى الاخر بين شرفتين فجعل يكلمه فقال: افتح لا فتحت، فقد طال ليلك، فسمعها انسان خلفه فتكفى إلى القوم فقال: أي قوم ابن مرجانة والذي لا إله غيره، فقالوا: ويحك انما هو الحسين ففتح له النعمان فدخل وضربوا الباب في وجوه الناس فانفضوا وأصبح فجلس على المنبر